فلسطين أون لاين

الأسرى بسجون الاحتلال… تعذيب ممنهج وتدهور خطير يهدّد حياتهم

...
ظروف قاسية يعيشها الأسرى الفلسطينيون في سجون الاحتلال
غزة/ نور الدين صالح

تتفاقم الأوضاع الإنسانية داخل سجون الاحتلال الإسرائيلي بصورة غير مسبوقة، وسط شكاوى متصاعدة من الأسرى وذويهم ومؤسسات حقوقية محلية ودولية بشأن استمرار سياسة التعذيب وسوء المعاملة والإهمال الطبي.

ويؤكد مدير مركز حريات لحقوق الإنسان حلمي الأعرج، أن الوضع الحالي "من أسوأ المراحل التي مرت على الحركة الأسيرة"، محذراً من أن استمرار الانتهاكات قد يقود إلى "كارثة إنسانية حقيقية".

ويقول الأعرج لـ  "فلسطين أون لاين"، إن الاحتلال يمارس تعذيباً ممنهجاً بحق الأسرى، يتنوع بين الاعتداء الجسدي المباشر، والتجويع، والحرمان من النوم، والزج في الزنازين الضيقة، ومنع التهوية، وجعل الأسرى ينامون على الأرض في غرف مكتظة تفتقر لأبسط المعايير الصحية.

ويوضح أن الاكتظاظ إلى جانب انعدام النظافة، أدى إلى تفشي أمراض جلدية خطيرة، أبرزها الجرب، مع إهمال طبي متعمد، وغياب للرعاية الصحية والدواء.

ويشير مدير مركز حريات إلى أن الاحتلال شدد من إجراءاته منذ السابع من أكتوبر 2023، فزاد عدد ساعات التنكيل اليومي، ومنع إدخال الملابس الشتوية والبطانيات، وحرمان كثير من الأسرى من الكانتين، ما تسبب بخسارة أوزانهم بشكل حاد، وارتفاع معدلات الإصابة بالأمراض الناتجة عن سوء التغذية والبرد.

ويؤكد الأعرج أن هذه الظروف القاسية ترافقت مع منع زيارات عائلات الأسرى، وحرمان الصليب الأحمر من الوصول إليهم والاطلاع على أوضاعهم، كما جرى التضييق على المحامين ومنعهم من تمثيل عدد من المعتقلين، الأمر الذي جعل كثيراً من الأسرى مقطوعين عن العالم الخارجي تماماً.

ويبين أن الاستهداف الممنهج للأسرى هو ما يفسّر الارتفاع الكبير في عدد الشهداء داخل السجون، والذي تجاوز 85 أسيراً منذ السابع من أكتوبر، إلى جانب حالات الاختفاء القسري التي طاولت أسرى من قطاع غزة، دون أن تعلن سلطات الاحتلال عن أماكن احتجازهم أو أوضاعهم الصحية.

وعلى الرغم من التدهور الحاد، ما تزال المؤسسات الدولية والحقوقية عاجزة عن وقف الانتهاكات، وفق الأعرج، الذي يقول إن المجتمع الدولي "لم يعد بحاجة إلى مزيد من التوثيق"، فجرائم الاحتلال باتت تُعلن "على الملأ"، بما فيها الاعتداءات الجنسية والتعذيب الفردي والجماعي وتجويع الأسرى.

ويضيف: "الأمر لم يعد مجرد شهادات… آثار التجويع تظهر على أجساد الأسرى، والموت يتهددهم كل يوم".

وتُقدّر مؤسسات حقوق الأسرى أن سجون الاحتلال تشهد أسوأ سياسات عقابية منذ عقود، في ظل أوامر رسمية أعطت مصلحة السجون هامشاً واسعاً لتشديد العقوبات وتقليص حقوق الأسرى بعد اندلاع الحرب.

وتشير تقارير حقوقية إلى تدهور شامل في ظروف الاحتجاز في كافة السجون، بما في ذلك حرمان الأسرى من الاستحمام، تقليص وجبات الطعام، إغلاق المرافق، ومصادرة المتعلقات الشخصية. كما ترافقت الإجراءات مع توسع غير مسبوق في الاعتقالات الإدارية، وارتفاع أعداد المعتقلين من غزة في ظل ظروف غير معروفة.

ويشدد الأعرج على أن الاحتلال يمارس ما يمكن تصنيفه كـ "إبادة جماعية بطيئة" بحق الأسرى، عبر تعمد الإهمال الطبي، التعذيب، والتجويع، وهي سياسات تخالف اتفاقية جنيف الرابعة، التي تضمن الحد الأدنى من حقوق الأسرى، بما فيها الزيارات العائلية، والرعاية الصحية، والظروف الإنسانية اللائقة.

ويختتم الأعرج حديثه بتوجيه صرخة للعالم: "نقول اليوم للأمم المتحدة والمجتمع الدولي: أنقذوا الأسرى قبل فوات الأوان. استمرار غياب المساءلة شجّع الاحتلال على التمادي، وترك الأسرى تحت خطر الموت البطيء. المطلوب إجراءات رادعة توقف الجرائم، وتعيد فتح السجون أمام الصليب الأحمر، وتوفر حماية قانونية عاجلة للأسرى".

ويحمّل الأعرج القضاء الدولي والأمم المتحدة مسؤولية الضغط على الاحتلال، مؤكداً أن يد الاحتلال ستبقى طليقة طالما لا يوجد من يردعها وفق القانون الدولي.

وكان مكتب إعلام الأسرى، أفاد بتلقيه شهادات جديدة من داخل سجن الرملة تكشف عن ظروف اعتقال قاسية يتعرّض لها أسرى غزة، مع استمرار الانتهاكات منذ لحظة الاعتقال دون أي تحسين يُذكر.

ووفق المكتب تُشير الشهادات إلى اعتقال الأسرى خلال الحرب وإصابة بعضهم قبل نقلهم إلى مراكز تحقيق تعرّضوا فيها لتعذيب خلف آثارًا جسدية وآلامًا مزمنة، وأن إدارة السجن خاصة في قسم ركيفت، تمارس سياسة تنكيل يومية تشمل سحب الفرشات، حرمان الأسرى من الملابس الشتوية، وتقديم طعام قليل ورديء، مؤكداً أن أوضاع أسرى غزة في سجن الرملة ما تزال بالغة القسوة مع استمرار سياسات التضييق والحرمان دون أي مؤشرات على تحسّن.

المصدر / فلسطين أون لاين