فلسطين أون لاين

حقوقي: تصوير المعتقلين والاستهزاء بهم انتهاك خطير للقانون الدولي الإنساني

...
ظروف قاسية يعيشها الأسرى الفلسطينيون في سجون الاحتلال
غزة/ محمد عيد

لم يتوقف جيش الاحتلال "الإسرائيلي" طوال حرب الإبادة الجماعية على غزة (أكتوبر 2023- أكتوبر 2025) وحتى اللحظة عن تصوير المعتقلين الفلسطينيين في أثناء إخضاعهم للاعتقال والتقييد العسكريين، ونشر مقاطعهم وصورهم عبر منصات التواصل الاجتماعي والاستهزاء بهم.

وتفاجأ عدد من المعتقلين بعد خروجهم من السجون الإسرائيلية، وعائلاتهم، بنشر تلك المقاطع المرئية والمصورة، الأمر الذي ضاعف آثار الجوانب النفسية لعملية الاعتقال ورحلة العذاب الجسدي في تلك السجون والمعتقلات العسكرية.

وفي آخر الوقائع لانتهاك حقوق المعتقلين، وثق جندي "إسرائيلي" صورة لمعتقل فلسطيني مقيد اليدين معصوب العينيين ونشرها أخيرا على حسابه الشخصي بعد انتهاء خدمته العسكرية في الحرب الوحشية على غزة، وكتب عليها تعليقا استفزازيا: "فلسطيني للبيع".

وتساءل مغردون ونشطاء عن مصير المعتقل أحيا أم ميتا أم أسيرا؟ ما يعكس استمرار الانتهاكات الإسرائيلية وغموض مصير آلاف المدنيين الذين فقدوا أو اختفت آثارهم طوال حرب إبادة غير مسبوقة في العصر الحديث.

وتعليقا على ذلك، وصف رئيس الهيئة الدولية لحقوق الإنسان (حشد) د. صلاح عبد العاطي، نشر جيش الاحتلال صور المعتقلين والاستهزاء بهم بأنه انتهاك خطير للقانون الدولي الإنساني وحقوق الإنسان على عدة مستويات.

وأشار عبد العاطي في حديثه لـ "فلسطين أون لاين" إلى أن نشر صور المعتقلين والاستهزاء بهم يشكّل إهانة واضحة للكرامة الإنسانية، وهو محظور بموجب: المادة 13 من اتفاقيات جنيف الأربع (1949)، التي تفرض معاملة جميع المعتقلين بالاحترام والكرامة، وتحظر الإهانة العلنية أو التجريح.

كما أن نشر صور المعتقلين والاستهزاء بهم محظور أيضا بموجب البروتوكول الإضافي الأول (المادة 75) والبروتوكول الثاني، التي تحظر المعاملة المهينة أو الاستغلال الإعلامي للمعتقلين.

وأوضح أن في هذا السلوك الإسرائيلي الممنهج انتهاك للحق في حياة المعتقل وسلامته، ولا سيما أن النشر المتعمد لتلك الصور دون معرفة مصيرهم (أحياء أم أموات) يعكس تجاهلاً للحق الأساسي في الحياة وسلامة المعتقل.

وهذا ما يقود بحسب الحقوقي الفلسطيني إلى جريمة الإخفاء القسري إذا لم يتم الإعلان عن وضعهم أو تبليغ ذويهم بأماكن احتجازهم، مشددا أن هذه الانتهاكات تشكل جرائم حرب وانتهاكات جسيمة للقانون الدولي.

وخلال العامين الماضيين، اعتقل جيش الاحتلال آلاف المدنيين في مختلف أنحاء غزة دون أن توجه لهم أيّة تهمة، وأوقف تزويد اللجنة الدولية للصليب الأحمر عن أية معلومة عنهم أو أماكن احتجازهم وظروفهم الصحية أو حتى الوصول إلى مراكز الاعتقال.

وبحسب شهادات أسرى محررين فإن الأسرى داخل سجون الاحتلال يتعرضون لممارسات إسرائيلية ممنهجة ومنظمة للتعذيب النفسي والجسدي وصولا لحالات الاغتصاب والتعرية والتصوير القسري من قبل جنود إسرائيليين.

وفي حال كان المعتقل حيا داخل سجون الاحتلال، والحديث لعبد العاطي فإن ذلك يشكل انتهاكا لمبدأ حماية الأسرى، وخاصة أن "الإعلام المستهتر" يعرض الأسرى لمخاطر إضافية نفسية وجسدية.

وذكر أن إخضاع الأسرى للتعذيب النفسي أو سوء المعاملة أو الاستهزاء بهم ونشر صورهم قد يدخل ضمن التعذيب النفسي أو المعاملة القاسية، وهو محظور بموجب: المادة 3 المشتركة في اتفاقيات جنيف الأربع.

علما أن اتفاقية الأمم المتحدة لمناهضة التعذيب (CAT) تحظر التعذيب أو المعاملة اللاإنسانية أو المهينة تحت أي ظرف.

وأكد أن المسؤولية القانونية والسياسية تقع على عاتق دولة الاحتلال التي ترفض التعاون مع الهيئات الأممية والمنظمات الحقوقية بشأن أوضاع الأسرى الفلسطينيين وأعدادهم وأماكن احتجازهم.

ورأى في هذا السياق، أن الواجب الدولي والحقوقي يقع على عاتق الهيئات الأممية والمنظمات الدولية والدول الوسطاء لاتفاق وقف الحرب على غزة، لأجل الضغط على الاحتلال للكشف الفوري عن مصير جميع الأسرى والمعتقلين وضمان احترام حقوقهم الإنسانية والقانونية، ووقف أي استخدام إعلامي مهين لظروف احتجازهم.

وحث رئيس الهيئة الحقوقية على ضرورة استثمار تلك الجرائم الإسرائيلية وفضح قادة الاحتلال وملاحقته في المحافل الدولية.

وسبق أن كشف وثائقي بريطاني حمل عنوان "كسر الصفوف: داخل حرب (إسرائيل)" عن ممارسات وصفها الجنود بأنها "إطلاق نار بلا قيود" ضد المدنيين الفلسطينيين في غزة، وانهيار كامل للمعايير القانونية والأخلاقية التي يفترض أن تحكم سلوك القوات خلال الحرب.

في حين تسببت أساليب التعذيب الإسرائيلية الجسدية والنفسية ضد الأسرى بارتقاء 93 أسيرا شهيدا خلال 2024 و2025 نتيجة التعذيب أو سوء الرعاية الصحية. 

ودفعت تلك الاعتقالات والمشاهد المصور التي ينشرها جنود إسرائيليون عبر منصات اجتماعية باللجنة الدولية للصليب الأحمر للتعبير عن قلقها إزاء تلك المشاهد المهينة.

وأكدت اللجنة الدولية أن كل المحتجزين والمعتقلين يجب أن يعاملوا بطريقة إنسانية وبكرامة وفقا للقانون الإنساني الدولي.

المصدر / فلسطين أون لاين