فلسطين أون لاين

​الخصوصية.. حقُّ المراهق على أهله

...
غزة - هدى الدلو

يقع بعض الأهالي في خطأ عدم التفريق بين مرحلتي الطفولة والمراهقة، فيستمرون بمعاملة أبنائهم المراهقين كما لو كانوا لا يزالون أطفالا، لا يتركون لهم أي مساحة خصوصية، ويتدخلون في كل شاردة وواردة في حياتهم، رغم أنهم أصبحوا في مرحلة تتطلب من الأهل إعطاءهم مساحة من الحرية والخصوصية.

ما ضرورة منح المراهق مساحة من الخصوصية؟ وما الحدود المُتاحة لذلك؟ وما تأثيرات وجود هذه المساحة أو غيابها؟ هذا ما نتحدث عنه في السياق التالي:

التفهم يقوّي العلاقة

قال الأخصائي النفسي زهير ملاخة: "مرحلة المراهقة لها خصوصيتها، كونها مرحلة انتقالية في جوانب النمو المختلفة، الجسدية والعقلية والانفعالية والاجتماعية والنفسية".

وأضاف لـ"فلسطين": "لذلك، فإن المراهق في هذه المرحلة تنتابه مشاعر لم يحيها من قبل، ويتطرق للتفكير في جوانب لم تطرأ على عقله مُسبقا، وبالتالي فهو يميل لإثبات ذاته وفرض استقلاله، ويحاول إبراز هويته الخاصة به، ومن هنا تبدأ الخصوصية في الهوية الشخصية في جوانبها المادية والمعنوية والاجتماعية".

وتابع: "أحيانا يهتم المراهق بجوانب حياتية أخرى، أو تطرأ على سلوكياته أشياء جديدة تثير اهتمام الأهل وفضولهم وقلقهم، فيبحثون عن خصوصياته، اعتقادا منهم بأنه يخفي عنهم أمورا لا بد من معرفتها".

وأوضح ملاخة: "في هذه الفترة الحساسة، إذا لم تراع الأسرة خصوصية الابن المراهق، تنشأ حالة من الصدام والصراع بينه وبين أبويه، أما إذا كانت العلاقة قوية، فسيجد المراهق أيًا كان جنسه أن أسرته هي ملاذه والحضن الآمن لأسراره وأحلامه وطموحاته".

وبين أنه في حال كانت العلاقة القوية بين الابن المراهق وأسرته، وترك له الأهل مساحة من الخصوصية، فإن هذا لا يعني البوح بكل أموره الخاصة لوالديه، خاصة فيما يتعلق بمشاعره، إذ لا يمكنه الحديث عن بعض الأمور التي يجد فيها رفضا اجتماعيا، لذا فهو لا يبوح بها خشية من أي صراع أو صدام أو إثارة تؤدي لاضطراب العلاقة مع الأسرة.

ونوه إلى ضرورة تفهم الأسرة هذا التفكير في هذه المرحلة كي تُحسن التعامل مع الابن وتحافظ على توجيهه وتشكيله بما يحقق أهدافه في الحياة.

بحدود

وأكد: "ترك مساحة من الخصوصية للمراهق، لا يعني فتح الباب على الغارب له، فلا بد من وجود متابعة وتوجيه وتعامل قائم على منح الثقة مع الملاحظة بشكل لطيف، إلى جانب التحفيز الإيجابي لشخصه وتشجيع اهتماماته وتنمية روح المسئولية عنده، والنظرة العالية لذاته، وهذا كفيل بأن يجعله يستثمر خياله الثري وطاقاته الكبيرة في هذه المرحلة بشكل إيجابي".

ولفت إلى أن من واجب الأهل تجاه المراهق احترام خصوصيته، وعدم التطفل وطرح الأسئلة التحقيقية عليه، مبينا: "محاولة معرفة كل صغيرة وكبيرة، ورفض أي محاولة من الابن للاستقلال الذاتي وتكوين شخصية مستقلة يوتر العلاقة بين الطرفين، حتى يصبح حاضرا في شخصيته الصدام والعصبية والتشتت، كما أن ذلك سيولد حالة الجفاء في العلاقة الأسرية والبعد عن جوانب تطوير وتنمية الشخصية، مع ضعف عام في المهارات الاجتماعية عند المراهق".

ووجه نصيحة للأهل بأن يتعاملوا مع المراهق بطريقة لينة، وبمساحة من الحرية والخصوصية، ومنحه الاهتمام الذي ينسجم مع حاجاته ورغباته، مع الملاحظة وحسن التوجيه والحوار والمصاحبة والاحترام.

وقال ملاخة: "النصيحة الهادئة تشكل النموذج الحسن لتذكير المراهق الدائم بأهدافه، والتربية الإيمانية الصادقة المؤثرة لا بد أن تكون حاضرة، لضبط سلوك المراهق وتهذيبه وتوجيهه بشكل مباشر وغير مباشر".