فلسطين أون لاين

​الأول في فلسطين

"توماس فلسطين" يتحدى الجاذبية للوصول للعالمية

...
غزة - نور الدين صالح

يجد الشاب "أحمد العوضي" شاطئ بحر غزة الملاذ الوحيد لممارسة هوايته المفضلة، التي تشهدها فلسطين لأول مرة، فبين هدوء السماء ونقاء الهواء وتلاطم الأمواج، يبحث عن أحجار تلائم موهبته من بين عشرات الآلاف المتناثرة على الأرض.

تحدي الجاذبية

بدقة متناهية، وتركيز عالٍ، يبدأ العوضي ابن الثماني عشرة عامًا، برصّ القطع الحجرية الكبيرة منها والصغيرة فوق بعضها البعض دون أن تسقط أرضًا، في تحدٍ غريب من نوعه على مستوى العالم.

الهدوء وعدم الالتفات لأي مؤثرات خارجية، هي الحالة التي يتمتع بها أحمد خلال ممارسة هوايته، كونها تعتمد بالدرجة الأولى على ما يُعرف بـ "فن التوازن" أو "خدع الجاذبية"، وتقوم هذه الهواية على تحدي الجاذبية من خلال موازنة الأجسام فوق بعضها البعض بطريقة تشد انتباه من يشاهدها.

ويحكي العوضي، وهو طالب في الثانوية العامة، أن الفكرة تولدت لديه خلال تصفحه لمواقع التواصل الاجتماعي عبر الشبكة العنكبوتية، بعدما شاهد عدداً من الصور ومقاطع الفيديو.

لم تكن تلك الصور عابرة لدى العوضي، القاطن في حي "تل الهوا" جنوب غرب غزة، حيث أخذ يحاول تجربة ما رآه فيها مرة تلو الأخرى إلى أن ترسخت لديه.

اختار الشاب وقتا مميزا لارتباطه مع هذه الموهبة الرائعة، فجعل ذلك بالتزامن مع يوم ميلاده الذي صادف الخامس والعشرين من سبتمبر الماضي من العام الجاري، فكما يقول: "حبيت أهدى نفسي هذا الفن في يوم ميلادي".

ويجد ممارسة هوايته الملاذ الأول له لتفريغ الضغط النفسي لديه، والخروج من هموم الحياة وثقلها، قائلاً: "ينتابني شعور رائع، وراحة نفسية، حينما أبدأ بوضع أولى الصخور فوق بعضها البعض".

ما يلفت الانتباه أن هذه الموهبة تُمارس في الصباح فقط فهو أفضل الاوقات لها، وهو ما دفع مراسل صحيفة "فلسطين" للسؤال عن ذلك، فكانت إجابة العوضي: "الانسان يكون في كامل طاقته في الصباح، وبعد مرور الوقت يفقد قرابة 40% من طاقته".

السابع عالميًا

ولا تمر أي موهبة، في قطاع غزة تحديدًا، إلا بعد مواجهة العديد من العقبات، حيث اصطدم الشاب الطموح عقبات كثيرة منذ بداية ممارسته لهذا الفن الغريب الذي سبقه فيه ستة أشخاص فقط على مستوى العالم، وأبرزها بث حالة الاحباط لديه ممن حوله بأنها لا تجدي نفعاً ولن تُقدم له شيئاً في حياته.

لكن عزيمته وإصراره دفعاه لوضع هذا الإحباط خلف ظهره، والمُضي قدمًا نحو إكمال تطوير الموهبة، ويقول هنا: "سأستمر بممارسة هوايتي، ولن أهتم بما يُقال لي، وسأسعى للوصول إلى العالمية والمشاركة في المسابقات العالمية".

يوماً بعد يوم، يزداد حبه وشغفه لممارسة فن "خدع الجاذبية"، حيث يقضي قرابة أربع ساعات يوميًا على شاطئ البحر من أجلها، حتى نشأت "علاقة حب وطيد بينه وبين الصخور"، حسب وصفه، وبات يُطلق على نفسه اسم "توماس" نسبة إلى العالِم "توماس إديسون" مكتشف قانون الجاذبية.

ولم تقتصر موهبة العوضي على تصفيف الأحجار الصخرية فوق بعضها فحسب، بل دأب على عمل وتصميم مجسمات ولوحات فنية أخرى خلال فترة تواجده في البيت، مثل رص زجاجات فارغة فوق بعضها البعض.

ويحاول جاهدًا أن يلائم بين موهبته ودراسته في الثانوية العامة، بحيث لا تطغى واحدة على الأخرى.

وبحسب ما يروى لـ"فلسطين" فقد لاقت هذه الموهبة إعجاب الكثير من الأصدقاء والمواطنين بعد نشر أعماله عبر صفحته الشخصية على موقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك"، وهو ما دفعه للمضي قدما في مواصلتها.

ويسعى العوضي لتنمية موهبته وابتكار حركات جديدة، من أجل الوصول إلى العالمية والمشاركة في مسابقات دولية، "كونه الوحيد على مستوى فلسطين الذي أدخل هذا الفن للقطاع"، وفق قوله.