من أهم عوامل قوة أي مجتمع عدد السكان، وهذا تؤكده جهود دول كثيرة لتشجيع سكانها على زيادة الإنجاب، وهذه نعمة أنعمها الله عز وجل علينا في فلسطين بأن كثيرين يفضلون الإنجاب الكثير.
لذا تسعى الدولُ التي تحتل دولاً أخرى إلى قتل واعتقال أكبر عددٍ ممكنٍ من الرجالِ في محاولةٍ منها لتقليل عدد السكان وتحقيق تفوق بشري لمصلحتها، "دول الاحتلال".
وبالعودة لعنوان المقال "نعم"، زيادة الإنجاب مقاومة تتحدى رغبة الاحتلال في القضاء الهوية والقضية الفلسطينية، من خلال القضاء على الشعب، ففي حالتنا الفلسطينية ومنذ اغتصب الاحتلالُ فلسطينَ سعى لإحداث تفوق بشري لصالحه؛ لأنه يدرك أن زيادةَ عدد الشعب الفلسطيني هي عوامل قوة في ظل انخفاض عدد الصهاينة، وهذا ظهر جلياً في تشجيعه استقدام مهاجرين يهود لفلسطين لضمان التفوق، وقيامه أيضاً بإجراءات القتل والاعتقال التي ينفذها خاصة ضد الرجال، فالقتل يقتل الجسد، والاعتقال يضعفه، خاصة أن نسبة الرجال الأسرى تفوق جداً الأسيرات من النساء والأطفال، فاعتقال الرجال يتعدى اعتقال الأجساد، بل يهدف لإبعاد فكرة التناسل وما ينتج عنها من زيادة النسل.
في بداية العدوان أكتوبر 2023 سألتُ مدير أحد المشافي في رفح عن عدد حالات الولادة، فأجابني بأن عدد حالات الولادة يومياً يقترب من 200 حالة، نظراً لأن رفح بها ما يقارب من نصف مليون من المقيمين والنازحين.
هذه الأرقام تعكس رغبةً قويةً من الشعب الفلسطيني باعتبار أن زيادة الإنجاب نوع من أنواع المقاومة التي تخيف الاحتلال، فرغم كل إجراءاته لمنع تلك الزيادة إلا أنها تحدث بفضل الله عز وجل.
ومؤخراً كنتُ في زيارة لمستشفى العودة في النصيرات، سألتُ احدى العاملات في قسم الولادة عن عدد حالات الولادة، فأخبرتني أن العدد بلغ 450 مولوداً، خلال الأسابيع الثلاثة من شهر يوليو2025.
وهذا يؤكد أنه في الوقت الذي يجتهد عدونا لقتلنا بكل ما أُوتى من قوة، ويمنع عنا مقومات الحياة والبقاء، ويحدد لنا ما يجب ولا يجب أن يكون، ونخرج عن كل القيود ونقول له" لن تمنعنا قيودك من ممارسة حقوقنا"، حينها نكون قد وجهنا له صفعة قوية.
إن الأطفال الذين يهب الله عزوجل الحياة لهم في ظل هذه الظروف، سيبقون شهوداً قساة على العدو الذي قتل أهلهم ودمر مدنهم وأراضيهم، وحرمهم من الحليب والدواء والكساء والهدوء، هم الذين سيحملون راية الجهاد والمقاومة حتى التحرير والعودة.
وكما قال الشاعر "علي فودة" " في قصيدته "إني اخترك يا وطني" التي غناها مرسيل خليفة (جئتُ في زمن الجزْرِ، جئت في عز التعب)، سيقول أطفالنا (جئت في زمن النصر، جئت في زمن المجد).

