طالبت المقررة الأممية المعنية بحالة حقوق الإنسان بالأراضي الفلسطينية المحتلة، فرانشيسكا ألبانيزي، بتعليق عضوية "إسرائيل" بالجمعية العامة للأمم المتحدة ومقاطعتها ثقافيا وسياسيا، على خلفية ارتكابها الإبادة الجماعية في قطاع غزة التي استمرت عامين.
وقالت ألبانيزي، في مقابلة مع الأناضول بالعاصمة البريطانية لندن إن "الحقيقة لا يمكن إسكاتها"، مشددة على أنه "لا ينبغي "لإسرائيل" أن تجلس في الأمم المتحدة كما لو كانت دولة عضو طبيعية".
ألبانيزي انتقدت السماح "لإسرائيل" بالمشاركة في مسابقة الأغنية الأوروبية "يوروفيجن" لعام 2026، معتبرة أن ذلك يتناقض مع حجم الجرائم المرتكبة.
وأشارت إلى أن مسابقة "يوروفيجن" تمثل أول منصة دولية كبرى تشهد شكلا من أشكال المقاطعة الفعلية لإسرائيل.
وأكدت أن المقاطعة لا ينبغي أن تقتصر على المجال الثقافي، بل يجب أن تترافق مع خطوات سياسية وقانونية على المستوى الدولي.
وأضافت المقررة الأممية أن "إسرائيل تنتهك حقوق الإنسان منذ سنوات، إلا أن العامين الأخيرين شهدا وتيرة غير مسبوقة من العنف".
وتابعت: ""إسرائيل" قوة احتلال غير قانونية، وهي دولة فصل عنصري، وتواجه مسارات قانونية أمام المحكمة الجنائية الدولية ومحكمة العدل الدولية".
وشددت ألبانيزي على ضرورة اتخاذ المجتمع الدولي خطوات "أكثر حزما" للجم إسرائيل، ودعت إلى استمرار الضغط الشعبي والسياسي لوقف جرائمها.
وقالت: "الحركات الشعبية، إلى جانب التزام الدول الأعضاء بالمبادئ، قادرة على إحداث تأثير متسلسل، وآمل أن يُسهم ذلك في إنهاء الجرائم الإسرائيلية في أقرب وقت ممكن".
ألبانيزي تطرقت أيضا إلى الضغوط والتهديدات التي تعرضت لها شخصيا، مشيرةً إلى تصاعد الاتهامات لها مؤخرا بـ "معاداة السامية" أو "الإرهاب".
وأوضحت أن هذه الضغوط انتقلت من حملات تشويه إعلامي إلى تهديدات شخصية، معتبرة أن العقوبات التي فرضتها واشنطن بحقها تأتي في هذا السياق.
وفي يوليو/ تموز الماضي فرضت الولايات المتحدة عقوبات على ألبانيزي التي وثقت الإبادة التي ارتكبتها "إسرائيل" بحق الفلسطينيين في قطاع غزة في عدة تقارير، وطالبت بملاحقة الجهات والشخصيات الضالعة فيها.
وقالت ألبانيزي في حديثها للأناضول: "لم تنجح هذه الإجراءات في إسكاتي، لأن الحقيقة لا يمكن إسكاتها عندما نكون في مواجهة الإبادة الجماعية".
وأوضحت أن "الهدف من هذه الضغوط هو ردع الآخرين ومنعهم من التعبير، إلا أن النتائج جاءت معاكسة، إذ دفعت مزيدا من الأصوات إلى الظهور".
وأضافت: "ربما نمر بمرحلة انتقالية، حيث بات عدد أكبر من الناس يتحدثون اليوم بوضوح وبصوت أعلى، هذه المظالم ستنتهي عاجلا أم آجلا، ولن تستمر إلى الأبد".
وفي سياق متصل، شددت ألبانيزي على أن الدول الأعضاء في الأمم المتحدة مطالبة باتخاذ موقف أكثر صلابة داخل الجمعية العامة، ولا سيما إزاء العقوبات الأميركية المفروضة على أعضاء في المحكمة الجنائية الدولية.
وقالت: "كفى هذا القدر من الإجرام، كفى للضغوط على مؤسسات الأمم المتحدة، السبيل الوحيد لمواجهة هذا الفصل المخزي من التاريخ هو تحرك الدول والشعوب معا".
وكانت الإدارة الأمريكية فرضت عقوبات على عدد من القضاة وأعضاء مكتب الادعاء في المحكمة الجنائية الدولية، بزعم اتخاذهم "مواقف مناهضة لإسرائيل".
وفي نوفمبر/ تشرين الثاني 2024 أصدرت المحكمة في لاهاي مذكرات اعتقال بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير الحرب السابق يوآف غالانت، بتهمة ارتكاب جرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب بحق الفلسطينيين في قطاع غزة.
وأكدت ألبانيزي أن مبدأ المساءلة يجب ألا يقتصر على الدول وحدها، بل ينبغي أن يشمل أيضا الشركات والأفراد الذين تورطوا أو أسهموا بشكل مباشر أو غير مباشر في الجرائم المرتكبة في غزة.
وقالت: "هذه قضية بنيوية، لم يكن الوضع في السابق أفضل ثم اكتشفنا فجأة أنه سيء، بل على العكس، نرى اليوم بوضوح مدى خطورته".
وأضافت أن محاسبة مسؤولين حكوميين وشركات وأفراد شاركوا في جرائم أو سهلوا ارتكابها على المستوى المحلي أمر بالغ الأهمية.
وأشارت إلى أن مواطنين من دول عدة يشاركون ضمن صفوف "الجيش الإسرائيلي"، مؤكدة أنه "لا مناص من إخضاع المشاركين في الإبادة للمساءلة على ما اقترفوه".
وتواجه "إسرائيل" منذ بدء الحرب على غزة دعاوى قانونية أمام محكمة العدل الدولية تتعلق باتهامات بارتكاب إبادة جماعية في غزة، إضافة إلى مسارات تحقيق أمام المحكمة الجنائية الدولية بشأن جرائم حرب محتملة.

