فلسطين أون لاين

​التبكير في العلاج ضروري

الفوضى.. صفةٌ مُكتسبة تشمل السلوكيات أيضًا

...
غزة - مريم الشوبكي

تظهر سمات الفوضوية لدى الأطفال في المراحل الأولى من عمرهم، وهي ليست جينات متوارثة بل سلوكيات مكتسبة من الأسرة والبيئة المحيطة به، والفوضى لا تعني عدم النظام والترتيب في الجوانب المادية، بل هي سمات تمتد إلى العناد وعدم الاكتراث بالقوانين، والتخريب والاعتداء على ممتلكات الآخرين.

ليست في المظهر فقط

قال أخصائي الصحة النفسية اسماعيل أبو ركاب إن الطفل الفوضوي يجمع كمّا كبيرا من السلوكيات السلبية في التعامل مع الآخرين، وليس المقصود الفوضى الشكلية في المظهر أو في المحيط فقط، بل يشمل ذلك السلوكيات في التعامل مع الآخرين سواء داخل الأسرة أو في المدرسة أو في الشارع.

وأضاف لـ"فلسطين" أن الطفل الفوضوي يتّصف بالعناد المبالغ فيه، وباللامبالاة، وبعدم الاكتراث بالقوانين والقواعد والمبادئ المجتمعية المعمول بها داخل المجتمع، لذلك فهو شخصية قلقة وتشعر بالتوتر الدائم.

ولفت إلى أن معظم الأطفال الفوضويين يعتدون على الآخرين، وعلى الممتلكات، كتعبير عن مشاعرهم السلبية تجاه الأشخاص, والطفل الفوضوي غير مرتب في تفكيره، فهو لا يستطيع اتخاذ القرار المناسب ولا يمكنه التأقلم مع غيره بسهولة ولا يدرك نتائج أفعاله.

وعن سبب السلوك الفوضوي، ذكر أبو ركاب أن أهم الأسباب المباشرة، قلة اهتمام الوالدين بالطفل في فتره الست سنوات الأولى من عمره، وعدم تدريبه على النظام من صغره.

ولفت إلى أن المقصود بالنظام داخل الأسرة هو وضع كل شيء في مكانه المناسب سواء الملابس أو الكتب أو الألعاب، والتشديد علي الطفل لاتباع النظام داخل غرفته الشخصية كترتيب فراش النوم، وبعض المقتنيات الشخصية.

وبحسب أبو ركاب، فإن التساهل مع الطفل في التربية وعدم المتابعة، واختلاف أساليب التربية بين الأب والأم، من الأسباب التي تعزز الفوضوية لديه.

ونبه إلى أن الطفل يقلّد ما يراه، فإذا كانت الأسرة تتبع الأسلوب الفوضوي في التعامل كأسلوب حياة، فالطفل ينشأ على أن الفوضى جزء طبيعي من حياته، كما أنه قد يكتسب هذه الصفة بالمحاكاة، بحيث يحاكي ما يراه في بعض الأفلام على سبيل المثال.

الفوضى هل صفة وراثية أم مكتسبة؟، أجاب أبو ركاب: "جزء بسيط جدا يرجع للوراثة، كاستعداد وراثي للميل إلى الانحراف في السلوك، ولكن طالما لم تتوفر العوامل البيئية الخصبة لنمو الصفة فإنها تبقي كامنة، وما نجمع عليه أن أغلب السلوكيات السلبية هي سلوكيات مكتسبة من المحيط الخارجي للطفل وهي مُتعلمة بالدرجة الأولى".

وأكد أن تربية الأبناء ليس بالأمر الهين كما يعتقد البعض، فالنظام التربوي داخل الأسرة يحتاج إلى متابعة، وديمومة في المتابعة.

أسلوب موحد

ولتجنب اكتساب الطفل صفة الفوضوية، نصح أخصائي الصحة النفسية الوالدين بالاتفاق على أسلوب موحد للتربية، التركيز على إكساب الطفل السلوكيات الصحيحة في السنوات الست الأولى من حياته لأنها تشكل النواة لأي سلوكيات.

ودعا أبو ركاب الوالدين إلى زرع كل ما هو جيد ومقبول أسريا واجتماعيا في الابن في السنوات الأولى، لأنها ستستمر معه طوال حياته، مع الاهتمام بتعليمه النظام في كل تفاصيل حياته، لأنه إذا تعلم النظام فسيتعلم كل السلوكيات الإيجابية، من احترام الآخرين واحترام الوقت والاعتدال في المزاج والقدرة علي تبني أساسيات الذكاء الاجتماعي.

وحث الوالدين على البدء بأنفسهما في تنفيذ النظام داخل المنزل، لأن الطفل يقلد ما يراه، وعليهما معاقبة الطفل على قدر الإساءة للنظام القائم داخل الأسرة، مع شرح له أسباب العقاب، والمقصود العقاب المعنوي.