فلسطين أون لاين

​اسمح لطفلك بالتحليق بعيدًا عنك ليكتشف ذاته

...
غزة - مريم الشوبكي

بعضنا كبر ولم يكتشف ذاته بعد، ولا يعرف ما يحب وما يكره، وماذا الذي يريده من الحياة، ومن أسباب هذه الحالة ما يعود لمرحلة التنشئة، وتحديدا قلة وعي الوالدين بأهمية إيجاد هوية لطفلهما من خلال اكتشاف ميوله ومواهبه وتنميتها.

كيف يمكن للوالدين مساعدة طفلهما في اكتشاف ذاته؟، وكيف ينعكس ذلك على شخصية الطفل وحياته في المستقبل؟، وهل يمكن تحقيق ذلك دون أن يفرض الأبوان على ابنهما رغباتهما هما؟ وما أهمية أن يسمحا له بالتحليق بعيدا عنهما بممارسة ما يحبه هو؟.

دليل مرافق

قالت الأخصائية النفسية الاجتماعية إكرام السعايدة إن مرحلة اكتشاف الذات وفهمها تُعدّ من أهم مراحل الحياة التي يمر بها الطفل، وتساهم في تكوين شخصيته على المدى البعيد، فهو يبدأ في تلك المرحلة بالتعرف على نفسه وبمعرفة الأشياء التي تستهويه.

وأضافت لـ"فلسطين" أن هذا الأمر لا يتم بشكل مستقل، والوالدان هما أفضل دليل يرافق الطفل في تلك المرحلة، فهما يحفّانه بالتوجيه والإرشاد لمساعدته على استكشاف ذاته والعالم من حوله.

وذكرت عدة نصائح تساعد الوالدين في وضع طفلهما على طريق اكتشاف ذاته، ومنها إتاحة مساحة كافية للتعبير عن ذاته دون تقييد حريته، والبعد عن الطرق التسلطية في التنشئة، والتعامل معه بحكمة وتروٍ، وإشعاره بأن دور الأهل هو موجه وليس تسلطي، مما يحميه من الوقوع في دائرة الضغط واختلاق المشاكل مع الأهل.

وأوضحت إلى أن عالم الأطفال يتميز بالاستكشاف وحب الاستطلاع لما يدور حولهم، وهذا الاستكشاف لما حولهم يقودهم للتعرف على ذواتهم، مبيّنة: "وقد يضيق الأهل ذرعاً بأسئلة أبنائهم المتنوعة والتي تضعهم أحياناً في موقف حرج لعدم توفر إجابة على تلك التساؤلات المدهشة، ولكن الأصل أن يتم أخذ أسئلتهم بعين الاعتبار، والرد عليهم بإجابات واضحة وموجزة تشبع فضولهم".

عادات إيجابية

ودعت السعايدة الآباء إلى غرس العادات الإيجابية في الطفل، كالقراءة فهي الطريق الأفضل لتعرفه على ذاته واستكشاف ميوله، فالقراءة تحقق درجة من النضج، مما يسهم في تكوين الطفل لأفكاره الخاصة بالحياة، مع ضرورة التركيز على اختيار القصص المناسبة لعمر الابن.

ونوهت الأخصائية النفسية إلى أنه لا شيء يضاهي أن يخوض الطفل غمار التجربة، فهي ميدان عامر يقود الطفل لاكتشاف ذاته ويظهر نقاط القوة التي يتميز بها عن غيره.

وقالت السعايدة: "اقطف لطفلك من كل بستان زهرة، فمثلا دعه يجرب القراءة يوما، والعزف يومًا، والرسم حيناً آخر، فلا تركز على نوع معين من المهارات، ودعه يتعرف على كل المهارات ويدرك أيهم يعبر عنه".

وحذرت الوالدين من إرغام الطفل على شيء معين، وأن يطلبا منه أن يدور في فلكهما الذي يريداه، بل عليهما أن يؤمنا بفرديته الخاصة به، والتي تختلف عنهما، وألّا يزرعا فيه أفكارهما فيصبح نسخة عنهما.

ودعت إلى الإصغاء للطفل، وتركه يعبر عن وجهة نظره ودون التقليل من شأنه وخصوصاً أمام الآخرين، والتحدث معه ومناقشته حول أفكاره.

أهداف طفولية

وأوضحت: "اكتشاف الذات من الأشياء العظيمة التي يمكن أن تحدث معنا، فليس أعظم من أن تجد ذاتك في شيء تحبه وترغب بممارسته طوال الحياة، وإيمانًا بهذه الفكرة عليك أن تساعد ابنك ليتمكن من اكتشاف ذاته في الحياة".

وبيّنت: "يظنّ البعض أنه من السابق لأوانه الحديث مع طفله عن أهدافه في الحياة، وهذا اعتقاد غير صحيح، ساعد طفلك في وضع أهدافه حتى إن كانت أهدافًا طفولية، فهي نقطة البداية لحياة كبيرة، عدّل طريقة تفكيره ليتمكن في النهاية من وضع الأهداف التي تناسبه، والتي يؤمن حقًا برغبته فيها للأبد".

وبالنسبة للعمر الذي يبدأ الطفل فيه بالتعبير عن ذاته واكتشافها، قالت السعايدة: "في عمر عامين إلى ثلاثة أعوام، هنا يعبر عن نفسه لغوياً وعاطفياً بصورة مبسطة، ويبدأ بإدراك ما يريد وما لا يريد، و كلما تقدم بالعمر تتكشف جوانب جديدة في شخصيته، وهذا بالطبع يعتمد على مقدار النضج لديه".