فلسطين أون لاين

آخر الأخبار

تحليل هل تنجح القمة العربية في كسر الحصار عن غزة؟

...
تحليل: هل تنجح القمة العربية في كسر الحصار عن غزة؟
غزة/ محمد سليمان:

يواصل جيش الاحتلال الإسرائيلي فرض حصاره الخانق على قطاع غزة منذ 18 عامًا، في ظل تقاعس عربي وإسلامي رسمي عن اتخاذ خطوات جادة لإنهائه وإنقاذ سكان القطاع من التبعات الإنسانية والاقتصادية الكارثية لهذا الحصار.

فرض الاحتلال الإسرائيلي حصارًا شاملاً على غزة منذ عام 2007، شمل إغلاق المعابر التجارية، ومنع إدخال المواد الأساسية، والتحكم في مصادر الطاقة والمياه، إلى جانب القيود المشددة على حرية الحركة والتنقل.

وقد أدى ذلك إلى استشهاد آلاف المرضى الذين لم يتمكنوا من تلقي العلاج، فضلًا عن انهيار الاقتصاد المحلي وارتفاع معدلات الفقر والبطالة بشكل غير مسبوق.

وعلى مدار سنوات الحصار، اقتصر الدور العربي والإسلامي على الدعم الشعبي من خلال مبادرات وتبرعات فردية ومؤسسية، دون أن يتحول هذا الدعم إلى تحركات رسمية فاعلة على مستوى الحكومات والمنظمات الإقليمية والدولية.

ويعدّ كسر الحصار عن غزة واجبًا عربيًا وإسلاميًا ينبغي ترجمته إلى خطوات ملموسة، مثل الضغط السياسي والدبلوماسي على الاحتلال الإسرائيلي، واتخاذ إجراءات اقتصادية وعملية لإنهائه، بالإضافة إلى تقديم دعم إنساني مستدام لسكان القطاع.

بدوره، أكد أستاذ العلوم السياسية في جامعة القاهرة، الدكتور حسن نافعة، أن العالم العربي يجب أن يتخلى عن سياسة المهادنة مع "إسرائيل" ويستخدم ما يمتلكه من أوراق ضغط للتأثير على الاحتلال الإسرائيلي.

وقال نافعة لصحيفة "فلسطين": "يجب على العرب، من خلال القمة العربية المقبلة، وضع خطة استراتيجية شاملة تفتح الطريق أمام إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة، وإجبار (إسرائيل) على السماح بإدخال ما يكفي من مساعدات إنسانية لإنقاذ الشعب الفلسطيني من التجويع والتدمير والتشريد."

وأوضح أن الدول العربية تمتلك أوراق ضغط كثيرة يمكن استخدامها، مثل قطع العلاقات الدبلوماسية والتجارية مع إسرائيل في حال استمرار الحصار على غزة.

من جانبه، رأى رئيس معهد فلسطين للدراسات الاستراتيجية، رامي الشقرة، على أن النظام العربي يواجه اختبارًا حقيقيًا فيما يتعلق بقدرته على دعم الشعب الفلسطيني في ظل الحصار المفروض على قطاع غزة.

وأوضح الشقرة، لـ"فلسطين"، أن الدول العربية، رغم التحديات الإقليمية، لا تزال تمتلك فرصًا لتعزيز دعمها لغزة، لا سيما في مجالات إعادة الإعمار، ودعم المبادرات الشعبية والمؤسسية المساندة للقطاع.

وأضاف: "من المؤسف أن النظام العربي كان عاجزًا على مدار 15 عامًا عن اتخاذ خطوات فعالة في دعم الفلسطينيين، حيث اقتصر دوره على التحرك في المساحات التي سمح بها الاحتلال الإسرائيلي. ومع ذلك، هناك فرصة جديدة يمكن استغلالها في إعادة إعمار غزة، إذا ما سمحت الدول العربية لمؤسساتها وشعوبها بالمساهمة في هذا المشروع الكبير."

وأشار إلى أن النظام العربي يمتلك إمكانيات دبلوماسية وقانونية يمكن توظيفها لكسر الحصار المفروض على غزة.

وقال: "لدى الدول العربية أدوات قوية يمكن استخدامها لدعم فلسطين، خاصة في المجال الدبلوماسي والقانوني، لكنها لم تُستغل بالشكل المطلوب حتى الآن."

وذكر الشقرة أن من بين الأوراق الفعالة التي يمكن للدول العربية والإسلامية تسخيرها لصالح القضية الفلسطينية الاستثمارات والمشاريع الاقتصادية الكبرى، مثل رؤية السعودية 2030، والمبادرات الاقتصادية لدول الخليج العربي ودول شرق آسيا الإسلامية.

وأضاف: "هذه المشاريع الاقتصادية الضخمة يمكن أن تؤثر إيجابيًا على القضية الفلسطينية، سواء عبر توجيه الاستثمارات إلى قطاع غزة، أو دعم المشاريع التنموية التي تخفف من آثار الحصار."

وشدد الشقرة على أهمية استخدام الآليات القانونية الدولية، مثل المحاكم الدولية، في مواجهة السياسات الإسرائيلية، والعمل على رفع دعاوى ضد الاحتلال بسبب الحصار غير القانوني المفروض على غزة.

وقال: "من أهم الأدوات التي تمتلكها الدول العربية والإسلامية هي القدرة على محاصرة (إسرائيل) قانونيًا، من خلال رفع قضايا في المحاكم الدولية ضد قادتها العسكريين والسياسيين المتورطين في الإبادة الجماعية وجرائم الحرب ضد الشعب الفلسطيني."

وأشار إلى ضرورة تسليط الضوء على انتهاكات الاحتلال المستمرة في القدس المحتلة، وخرقه للقوانين الدولية وقرارات الأمم المتحدة، كوسيلة إضافية للضغط السياسي.

ورأى الشقرة أن التحدي الأكبر لا يكمن في توفر الأدوات أو الأوراق الضاغطة، بل في الإرادة السياسية لدى الأنظمة العربية لاتخاذ خطوات جادة نحو تغيير الواقع الفلسطيني.

وأكد أن المطلوب اليوم هو وضع استراتيجية عربية موحدة لدعم القضية الفلسطينية، بحيث تتجاوز الخطابات والشعارات إلى أفعال ملموسة على أرض الواقع.