فلسطين أون لاين

تقرير بركة الشَّيخ رضوان... مستنقع المعاناة وملاذ الطُّفولة الضَّائع

...
بركة الشَّيخ رضوان... مستنقع المعاناة وملاذ الطُّفولة الضَّائع
غزة/ جمال محمد:

أخذت الطفلة ملك الأدغم، البالغة من العمر 11 عامًا، وشقيقيها، يتنقلون بين بقايا الحطام والأنقاض التي خلّفتها الحرب الإسرائيلية على بركة الشيخ رضوان في مدينة غزة، في محاولة للعب بعد أن فقدوا أماكنهم المعتادة للعب ومنازلهم.

ونجح الأطفال الثلاثة في اجتياز سياج البركة المدمر بفعل آليات الاحتلال الإسرائيلي خلال توغُّلها في المنطقة في ديسمبر 2023، للعب هناك غير آبهين بالخطر المحدق بهم.

تقع البركة في حي الشيخ رضوان غربي مدينة غزة، وتبلغ سعتها 11 مترًا، وتُقدَّر مساحتها بـ 56 دونمًا في القاع و80 دونمًا عند السطح، بحجم استيعابي يصل إلى 600 ألف كوب من المياه، وكانت مزوّدة بخمس مضخات مياه قبل أن يدمرها الاحتلال. وتهدف البركة إلى ضخ المياه إلى البحر الأبيض المتوسط، كما تُعدّ أكثر مناطق المدينة انخفاضًا، ما يجعلها المركز الرئيسي لتجميع مياه الأمطار في مدينة غزة، وفقًا لتصريح سابق لبلدية غزة.

آليات الاحتلال

لم تكن الطفلة ملك الأدغم تلتفت إلى خطر البركة، التي بدت على حافتها وكأنها تستدعي كل من يقترب منها للسقوط في عمقها.

كان شقيقاها في ذلك الوقت يُلقون الحجارة في الماء، مسلّين أنفسهم بعد أن فقدوا كل شيء. وتقول ملك لصحيفة "فلسطين": "ألعب أنا وإخوتي يوميًا في البركة، ونُلقي الحجارة في المياه."

وتضيف: "لم نكن نقترب في السنوات الماضية من البركة، فقد كانت مُسيّجة بسياج، لكنها الآن بدون سياج بعد أن دمّرت آليات الاحتلال الإسرائيلي أجزاءً كبيرة منها خلال الحرب التي استمرت 471 يومًا."

وتُكمل: "أنا أعيش هنا في خيمة مع أسرتي بعد أن دمّر الاحتلال منزلنا، ولا أستطيع أن أستوعب كيف يمكن أن يحدث هذا لنا، فلا بيت لدينا ولا مكان للعب، فتمكّن والدي من نصب خيمة لنا بجوار البركة."

برد وجوع

وتشتكي الأدغم من البرد والجوع وعدم توفُّر أماكن للعب كما في الماضي، فلا مدارس ولا ألعاب، فتقول: "أحاول أنا وإخوتي اللعب في أي مكان، لكن في هذه الخيمة التي لا تُعوض الدفء والحماية التي كان يوفرها منزلنا قبل الحرب، أجلس مع إخوتي ونراقب الحياة تمضي أمامنا بصمت."

وتتساءل: "ما دور العالم والمؤسسات الدولية تجاه ما يحدث في قطاع غزة من دمار ومعاناة سبّبها جيش الاحتلال الإسرائيلي؟"

وترى أن "صمت المؤسسات الدولية يعني أنهم لا يهتمون بحياة الأطفال مثلها، ولا بحمايتهم"، مضيفةً: "إذا كان العالم لا يتحدث عن معاناتنا، فهذا يعني أنه يسمح لهم بقتلنا وتهجيرنا."

ورغم الألم والتعب، اللذين بدَوا ظاهرين على وجه ملك وأشقائها، فإنهم يتشبثون بالحياة، ويدعون شرفاء وأحرار العالم للوقوف إلى جانبهم وإنهاء معاناتهم، وإدخال المساعدات إلى قطاع غزة وإعادة إعماره، وتوفير أماكن للعب التي فقدوها خلال الحرب.

وكانت بلدية غزة قد أوضحت، في تصريح سابق لها، أن البركة امتلأت بالمياه الملوثة نتيجة تسرب مياه الصرف الصحي وعدم قدرة البلدية على تصريفها، بسبب الأضرار التي لحقت بخط التصريف والمولدات الكهربائية والمضخات ومرافق البركة الأخرى، وتوقُّف مضخات الصرف الصحي عن العمل بسبب الدمار الذي لحق بها وبالخطوط الناقلة منها.