فلسطين أون لاين

​يحرّكهم شعور اليقين بالعودة

ونِعمَ الوفاء.. أهالي قرية معلول يرممون ما تبقى من مقدساتها

...
طولكرم - خاص "فلسطين"


طولكرم / خاص "فلسطين":

يتمسك اللاجئون الفلسطينيون بحق العودة إلى قراهم ومدنهم في الداخل الفلسطيني المُحتل، حتى وإن لم يستطيعوا أخذ هذا الحق في الوقت الحالي؛ لكنهم يحاولون الحفاظ على صلتهم بقراهم ومدنهم من خلال الزيارات الميدانية أو عبر مشاريع الترميم لما تبّقى من آثار الأجداد والآباء رغم معارضة سلطات الاحتلال.

وقد بدأت جمعية تراث معلول المهجرة شمال فلسطين المحتلة عام 48 حملةً لصيانة مقدسات بلدة معلول الواقعة بين مدينتي الناصرة وحيفا من كنائس ومساجد ومنازل ومقابر والتي حولّها الاحتلال إلى حظائر للأبقار .

وقال رئيس جمعية تراث معلول علي الصالح: "بدأنا العمل بترميم المقدسات من مقابر وكنائس ومساجد القرية؛ كما نعمل حالياً على ترميم وصيانة المقبرة الإسلامية في القرية من خلال ترتيب حجارة القبور في المقبرة وتعشيبها ونحاول تسييجها، كما حاولنا ترميم مسجد القرية الآيل للسقوط، لكن سلطات الاحتلال أصدرت أمراً من المحكمة يمنعنا من الاستمرار في ترميم المسجد ، بزعم أنهم اشتروا أرض المسجد منذ عام 1898 ، وهو أرض وقفٍ إسلامي لا يُباع ولا يشترى وطلبنا منهم إبراز الوثائق التي تثبت صحة أقوالهم، لكنهم لم يحضروا أي مستند يثبت أنهم اشتروا الأرض، ونحن نحاول إبطال قرار المحكمة كي نوصل عملية ترميم وصيانة المسجد الوحيد المتبقي في قرية معلول".

ولفت الصالح إلى أنه تم ترميم كنيسة الروم الأرثوذوكس في القرية من قِبل البطريركية المتهمة بيع أملاك الوقف المسيحي للاحتلال، مضيفا أن هناك علامات سؤال على عملية الترميم التي قامت بها البطريركية؛ إذ أن الترميم لم يكن حضارياً وجرى تشويه البناء ، كما تمت سرقة أرضية الكنيسة التاريخية، فيما قام سكان القرية بترميم كنيسة الكاثوليك".

الأطفال يعرفون القرية

وأشار الصالح إلى أن سلطات الاحتلال تحاول منعهم من العمل في ترميم ما تبقى من آثار في القرية تشير إلى أصحابها الأصليين الفلسطينيين بذرائعٍ أمنية؛ وأن القرية منطقة عسكرية وأحياناً أن المنطقة محمية طبيعية .

وأكد أن عمليات الترميم في القرية هي تأكيدٌ على الموقف الواضح لسكان القرية؛ وهو موقف كل أهالي القرى المهجرة بالإصرار على إعادة بناء قراهم وعودتهم إلى منازلهم وأراضيهم.

ويرى أن وجود المسجد والكنيستين وآثار بعض المنازل بشكل واضح يبقي لدينا أمل كبير بالعودة ولذلك نعمل على ترميمها ما أمكن .

ولفت الناشط الفلسطيني إلى أن سلطات الاحتلال عمدت إلى إزالة معالم القرية وإخفائها كما فعلت مع كل القرى المهجرة حيث حاولت إخفاء معالمها من خلال تحريشها، قائلاً: "عندما نسير على شارع حيفا - الناصرة لا يمكن رؤية معالم القرية بعد أن لجأت سلطات الاحتلال إلى تحريشها لمحو آثارها".

وشدد الصالح على ان أهالي قرية معلول لم يفقدوا الأمل بالعودة إلى القرية، معتبراً أن ما يفعلوه بمثابة رسالة يحملونها من الآباء والأجداد إلى الأبناء والأحفاد، "كل طفل من قرية معلول يعرف عن القرية عن جغرافيتها ومقدساتها وتاريخها وعائلاتها حتى أنه يعرف مكان بيت جده".

وذكر أن سلطات الاحتلال لم تقم ببناء أي قريةٍ عربية في الداخل منذ النكبة ، قائلاً:"95% من سكان قرية معلول يعيشون حالياً على بعد أمتارٍ قليلة من قريتهم، وبالتحديد في بلدة "يافة الناصرة" التي تعاني من اكتظاظ سكاني شديد .

وأكد على تعاون أهل القرية مادياً ومعنوياً للنشاطات التي تقوم بها الجمعية التي تنظم نشاطاً أو اثنين شهرياً داخل القرية، كما تنظم الجمعة جولات لناشطين وحقوقيين دوليين للقرية وزيارات لسكان القرية في يافة الناصرة للاطلاع على أحوالهم ومعاناتهم جراء تهجيرهم من القرية.

وأوضح أن الجمعية تنفذ العديد من المشاريع من بينها جمع موادٍ تاريخية وشفوية وخطية ومكتوبة عن القرية بهدف عمل أرشيف، كما تعمل اللجنة على الوصول إلى تشكيل رأي عامٍ محلي ودولي من أجل الضغط على سلطات الاحتلال لإعادتنا إلى قريتنا.

أمنية وحيدة

ويذكر عن احتلال القرية وتهجير سكانها: "قوات الاحتلال طلبت من سكان القرية إخلاءها لخمسة أيام تحت التهديد، وبالفعل تم إخلاءها واحتلالها بتاريخ 7/15/ 1948، وتركوا كل شيء في بيوتهم ولم يأخذوا منها شيئا وذهبوا إلى بلدة "يافة الناصرة" المجاورة ولم يبقى فيها إلا خمسة مسنين رفضوا مغادرتها فقامت قوات الاحتلال بهدم جميع منازل القرية ؛ واستشهد المسنون الخمسة بعد هدم منازلهم عليهم واسماؤهم موجودة؛ ومنذ ذلك الوقت وعلى مدار 69 عام يعيش سكان القرية على أمل العودة.

ويتذكر التسعيني أيام احتلال قوات الاحتلال القرية من جهة الجبل المقابل لها بعد أن احتلوه حيث بدأوا بإطلاق النار على القرية؛ فقتلوا امرأةً من سكانها عندما كانت تقف أمام منزلها.

وأضاف لصحيفة "فلسطين" أنهم كانوا يطلقون على معلول "شفا مغلول" حيث كان المرضى يأتون إليها من اجل الشفاء.

وأشار إلى أن قوات الاحتلال نَسفت جميع منازل القرية، ولم يتركوا شجرةً إلا و قطعوها.

وأضاف: "إن قرية معلول بجميع منازلها وشوارعها وعائلاتها باقية في روحي".

وختم حديثه: "كل ما أتمناه اليوم أن أُدفن بجانب شقيقي في مقبرة القرية".