يعيش عاطف سليمان، وهو فلسطيني في الخمسين من عمره مبتور الساق، في وسط أنقاض منزل في مدينة غزة، بعد أن دمرت غارة إسرائيلية منزله الواقع في شمال القطاع.
فقد اضطر سليمان، وهو أب لـ15 طفلاً، إلى النزوح من منزله في جباليا إلى مدينة غزة، بعد أن تعرض منزله لقصف مدفعي إسرائيلي.
وقال سليمان لصحيفة "فلسطين": "أنا أعيش في ظروف لا إنسانية، منزلنا أصبح أطلالاً، وأنا مقعد، ولا أستطيع الحركة بسهولة. كل ما أتمناه هو أن تنتهي هذه الحرب، وأن أتمكن من العودة إلى منزلي وإلى حياتي الطبيعية".
وبدأ جيش الاحتلال يوم 5 أكتوبر الماضي، عدوانًا موسعًا على محافظة شمال قطاع غزة، بهدف إفراغها من السكان المتواجدين هناك، ونجم عن ذلك ارتقاء آلاف الشهداء وإصابة آلاف آخرين، وتهجير عدد كبير من المواطنين إلى مدينة غزة.
ورافق ذلك تدمير واسع لأحياء وبلدات محافظة الشمال عبر القصف الجوي، وعمليات النسف التي طالت مربعات سكنية كاملة سوتها بالأرض تمامًا.
وكان سليمان قد تعرض سنة 2015 لمضاعفات صحية بعدما أصابته إنفلونزا حادة، ما دعا أطباء بغزة إلى حقنه بإبرة يفترض ألا يحقن بها بسبب مرضه بالسكر.
على إثر ذلك ظهرت على ساقه اليمنى أعراض صحية والتهابات خطيرة حاول الأطباء علاجها بعدة وسائل لكنهم لم يفلحوا، ما أدى إلى إصابتها بـ"غرغرينا".
ولاحقًا لجأت الجهات المختصة بغزة إلى تحويله للعلاج في مستشفيات الداخل الفلسطيني المحتل، وهناك قرر الأطباء بتر ساقه اليمنى من أعلاها.
منذ ذلك الحين، يعيش سليمان بساق واحدة، ويستخدم إما عكازين أو عربة متحركة لقضاء حاجته.
غير أن العكازين والعربة وسط ركام المنازل والأحياء والشوارع المدمرة، لم تسعف سليمان وأصبحت الحركة والتنقل بالنسبة له عبئًا جديدًا.
وقال: "المكان الذي نعيش فيه لا يصلح للحياة الآدمية، لكن ليس لدينا خيارات أخرى".
وتحولت العديد من المنازل المدمرة والأراضي الفارغة في مدينة غزة وملاعبها أيضًا إلى أماكن للإيواء وساحات لخيام النازحين تخفي تحتها آلامًا وآهات عائلات نجت من بطش الاحتلال بأعجوبة.
وبحسب سليمان، فإن المنزل الذي يعيش فيه لا يقي عائلته برودة الأجواء التي يتأثر بها قطاع غزة حاليًا مع حلول موسم الشتاء، فيما تتصبب من سقفه المياه بسبب الأمطار الغزيرة.
كما أن الحشرات والقوارض تدخل إليه من كل جانب.
وتضاف قصة سليمان الذي أجبر على النزوح القسري مع آلاف الأسر الفلسطينية من شمال قطاع غزة، إلى قائمة طويلة من المآسي التي يعاني منها الفلسطينيون جراء الحرب المستمرة.