تشارف حرب الإبادة الجماعيّة في قطاع غزة على دخول يومها الـ 400 على التواليّ، ولمّا تنهض الضفة الغربية بما يُطفئ نار الغضب الشعبي ويُشعل فتيل المقاومة ويحرك الميدان الملتهب أصلا ضد الاحتلال الإسرائيلي، وخلت الساحة إلا من وقفات تضامنية في الضفة والقدس والداخل المحتل عام 1948 نصرة للقطاع المحاصر والممطر بنيران الاحتلال على الدوام.
ورغم ما شهدته الضفة من عمليات فدائيَّة وتظاهرات، إلاّ أن التقدير العام أن مستوى الحراك الشعبي الفلسطيني المتضامن مع غزة والمتصدي لتصاعد عدوان الاحتلال فيها مايزال دون المستوى المطلوب.
وألقى الانقسام السياسي المستمر منذ 2007، ومعه اختلاف البرنامج السياسي بين حركة المقاومة الإسلامية (حماس) التي تدير غزة، وحركة التحرير الوطني الفلسطيني (فتح) المتحكمة بمفاصل الحياة بالضفة، بظلاله على شكل ومستوى تفاعل الضفة مع القطاع، حيث تحركت جهات إقليمية ودولية لدى السلطة الفلسطينية لمنع اشتعال الضفة.
من جهته، يرى المحلل السياسي ساري عرابي، أن شرارة "طوفان الأقصى" لم تصل للضفة الغربية والقدس لأن عملية الطوفان كانت فعل منظم من تنظيم فلسطيني أمتلك أدوات وقدرة على إدارة قطاع غزة.
وأوضح عرابي في حديثه لـ "فلسطين أون لاين"، أن هذا التنظيم ليس له نظير أو مثيل في الضفة الغربية، مبينًا أنه لا توجد فصائل مقاومة في الضفة كبيرة وممتدة وتملك سلاح وتدريب وأرض محررة بشكل أو بآخر من الممكن ان تدير خططها عليها وأن تنطلق من خلالها.
وتابع: "الضفة الغربية محتلة بالكامل، وعمليات الاستنزاف والتفكيك والملاحقة موجودة في الضفة منذ نهاية انتفاضة الاقصى حتى اليوم. والاحتلال لم يخرج من الضفة منذ ١٩٦٧".
ونفذ المقاومون في الضفة على مدار العام الماضي مئات العمليات الفدائية التي انحصرت في أماكن معينة وانطلقنا من مواقع معينة في الغالب.
وفي تقييمه للحراك الشعبي، يشير عرابي إلى أن الجماهير الشعبية خرجت في مظاهرات في بداية العدوان على غزة في كل المدن الفلسطينية، وكان من الممكن أن تكبر هذه الأعداد وتتعاظم وتصبح كتلة حرجة وتشكل فارقًا مهما لكن للأسف السياسات الرسمية في الضفة لم تسمح باستمرار هذه الفعاليات والمظاهرات الضخمة.
وأشار إلى، أنه كان هناك قمع لتلك المظاهرات، وكذلك سياسات الاحتلال الأمنية المكثفة التي نتج عنها آلاف المعتقلين الفلسطينيين بالضفة في وقت وجيز.
وقال: كان هناك مجموعة من السياسات لكبح وشل الجماهير في الضفة على أي فعل، وبالتالي السبب الأساس الذي ينبغي أن يوجه اليه الاتهام ليس جماهير الفلسطينيين لأن الجماهير بحاجة إلى من ينظمها ويؤطرها ويخرجها وأن يحافظ على حركتها.
ونبه إلى أن الجماهير إذا لم تجد من يحافظ على حركتها سوف تعود إلى بيوتها هذه طبيعة العمل الجماهيري.
وشدد على أن الواقع في الضفة الغربية كان مجرفًا طوال السنوات الماضية على المستوى السياسي والوطني والنضالي والحزبي والتنظيمي، وهذا الأمر زاد وتكرس بعد عام ٢٠٠٧.
أما من جانبه، يقر الخبير السياسي محمود خلوف بأن هناك حالة من عدم الرضا من كل من يعد نفسه وطنيًا في الضفة الغربية من حالة الخذلان العامة والتقصير في الضفة مع قطاع غزة.
ويعزو خلوف في حديثه لـ "فلسطين أون لاين"، أسباب التقصير إلى أسباب منها الأزمة الاقتصادية الخانقة جراء حرمان مئات الآلاف من الفلسطينيين من العمل في الداخل، وكذلك نتاج سياسات متراكمة وصراع قوى سياسية والتشرذمالوطني وعدم وجود ثقة ببرامج الاحزاب، وتعبير عن خالة خوف وفزع من الخطط الاسرائيلية التي تستهدف الضفة.
وتساءل: هل الصمت يجنبنا الصدام؟ هل سيجنبنا الويلات الإسرائيلية؟.
ويحمل خلوف المسؤولية عن التقصير الشعبي إلى النقابات والمؤسسات والجمعيات الاهلية، منبهًا إلى أن الخطط الاستيطانية تستهدف كل الأراضي الفلسطينية ليس غزة فحسب المستهدفة بل الضفة الغربية والقدس وأراضي الـ ٤٨، مؤكدًا أن انكسار غزة يعني أن الضفة هي الهدف الثاني.
كما ويعتقد الخبير السياسي، أن عمليات المقاومة في الضفة لا ترقى إلى مستوى الأحداث في غزة وحتى في الضفة، مردفًا: "صمت الضفة لن يجنبها مخططات الاحتلال".
وشدد على، أن حالة الاستنهاض في الضفة هي مسؤولية مثقفين وإعلاميين وسياسيين ونقابات وأحزاب وجماعات ضغط ومؤسسات التعليم كل هذه الاطراف وغيرها مطالبة بالحشد لدعم غزة.
وذكر أن، النقابات عمليًا خذلت غزة، ماذا قدمت لغزة؟ أين دور نقابة المحامين في ملاحقة مجرمي الحرب؟ متسائلًا: "أين دور نقابة الأطباء في الحشد على مستوى العالم لاستقدام الاطباء لتطبيب جراح الغزيين؟".
وأردف المحلل السياسي، خلال حديثه، "للأسف هنا التنظيمات والشخصيات السياسية تنافق دول التطبيع وشخصيات التطبيع التي تطعن الفلسطينيين من الخلف، وكان الأصل مقاطعة المطبعين وكل من يدعم الاحتلال ويناصره ضد الفلسطينيين".
وشدد على، أن المطلوب من جميع المكونات الفلسطينية التفكير بآليات مختلفة للتصدي لعدوان الاختلال وللارتقاء بمستوى الدعم والتضامن مع غزة.
ورأى أن الأمر يحتاج كذلك إلى تحرك عربي واسع ليس للتضامن مع غزة فحسب بل للتصدي لمخططات الاحتلال التي تعمل على تنفيذ مشروع ما يسمى "إسرائيل الكبرى"، بما يشبه من ضم دول عربية كاملة للمخطط وأجزاء من دول أخرى.