فلسطين أون لاين

خاص "بحثت عن بقيَّة جثمان ابني ولم أجده".. شكوك لدى أهالي الشهداء بسرقة الاحتلال أجزاء من أعضائهم البشرية

...
"بحثت عن بقيَّة جثمان ابني ولم أجده".. شكوك لدى أهالي الشهداء بسرقة الاحتلال أجزاء من أعضائهم البشرية
خان يونس/ محمد سليمان

بطريقة تنعدم فيها أدنى معاني الإنسانية، سلم جيش الاحتلال 89 جثمانًا في 35 كفناً فقط، ووضعت الجثامين داخل أكياس بلاستيكية تحمل أرقاما متسلسلة فقط، دون تزويد الجانب الفلسطيني بأي معلومات عن هذه الجثامين أو الأماكن التي اختطفت منها أو أماكن قتلها أو سحبها.

ولأن الجثامين كانت عبارة هياكل عظمية متحللة بشكلٍ كامل، لعدة أشخاص داخل كيس واحد، وليست كاملة، كانت عملية تحديد عدد الجثامين "معقدة" أو "مستحيل"، ما يدلل على أنها اختطفت أو قتلت في الشتاء الماضي، حيث تنبعث منها رائحة قوية، بسبب تحللها منذ فترة زمنية.

عدد من أهالي الشهداء المفقودين والذين تم دفنهم في مقابر جماعية، وأثناء تفقدهم الأكفان، قالوا إن لديهم شكوك كبيرة بقيام جيش الاحتلال بسرقة أجزاء من أعضائهم البشرية خلال سرقة جثامينهم من المستشفيات والمقابر خلال اقتحامهم ونبش القبور.

وأوضح عدد من أهالي الشهداء في أحاديث منفصلة لـ "فلسطين أون لاين"، أن سرقة أعضاء من جثامين شهداء أبنائنا أمر غير مستبعد على دولة الاحتلال التي تتعمد سرقة الجثامين وتحتجزها لفترات طويلة داخل مستشفياتها وأماكن سرية في الداخل المحتلة.

وأوضح أهالي الشهداء خلال محاولتهم التعرف على جثامين أبنائهم بعد إفراج الاحتلال عن 80 جثة شهيد اليوم الاثنين، تم دفنهم في المقبرة التركية غرب مدينة خان يونس، أن جميع الجثث متحلل بشكل كامل.

محمد عاشور وهو والد شهيد مفقود منذ دخول جيش الاحتلال لمدينة خان يونس، يقول: "بحثت بين جثامين الشهداء عن جثمان ابني ولم أجده ولكن وفقًا لما شاهدته فلا استبعد قيام جيش الاحتلال بسرقة أعضاء من أجساد الشهداء".

وأضاف عاشور في حديثه لـ"فلسطين": "الجثامين التي شاهدتها عبارة عن أشلاء ممزقة بالكامل ولا يوجد أي معالم لأي جثة وهل الأعضاء البشرية الكاملة لكل جثة موجودة أما لا، وهو ما يضع الشكوك حول قيام الاحتلال بسرقة ما يريد من جثامين الشهداء".

وأوضح أن الاحتلال له تاريخ طويلة في سرقة جثامين الشهداء ولا أحد يحاسبه أو يوقفه أو يكشف الجرائم التي يرتكبها بحق الفلسطيني سواء كان حي أو ميت.

كذلك، أكد أم قاسم وهي ابنة شهيدة استشهدت في شمال قطاع غزة في نوفمبر الماضي، أنها لا تستبعد قيام جيش الاحتلال بسرقة أجزاء من الأعضاء البشرية لوالدتها والاستفادة منها.

وقالت أم قاسم خلال محاولتها التعرف على جثامين والدتها لـ"فلسطين": "أنا اتهم بشكل واضح جيش الاحتلال بسرقة جثمان والدتي وأجزاء من أعضائها البشرية، لأنه مر على سرقة الجثمان أكثر من 7 شهور ولم يتم حتى الآن تحديد مكانه".

وأوضحت أن الاحتلال يريد الاستفادة من الفلسطينيين بعد موتهم من خلال سرقة أعضائهم خاصة في ظل عدم وجود أي جهة تراقب ما يحدث.

وما زال جيش الاحتلال يحتجز عشرات الجثث الأخرى التي خطفها من مستشفيات ومقابر وشوارع مدينة غزة وشمال القطاع، عقب توغله البري يوم 27 أكتوبر/تشرين الأول الماضي.

المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان شدد على ضرورة تشكيل لجنة تحقيق دولية مستقلة للتحقيق في ما وصفها بـ"شبهات" سرقة جيش الاحتلال أعضاء من جثث شهداء احتجزها خلال حربه الحالية على غزة.

ووثق المرصد -في بيان تفصيلي-ملاحظات أدلى بها أطباء في غزة أجروا فحصا سريعًا لبعض الجثث بعد الإفراج عنها ولاحظوا سرقة أعضاء، مثل قرنية العين، وقوقعة الأذن، والكبد، والكلى، والقلب.

وقال أطباء فلسطينيون -للمرصد الحقوقي-إن الكشف الظاهري الطبي الشرعي لا يكفي لإثبات أو نفي سرقة الأعضاء، لا سيما في ظل وجود تداخلات جراحية سابقة لعدة جثث، غير أنهم رصدوا عدة علامات تشير إلى احتمال سرقة أعضاء.

ويضيف المرصد أن "إسرائيل" تحتجز جثث الشهداء وتدفنها في ما تسميها "مقابر مقاتلي العدو"، وهي مقابر سرية جماعية تقع في مناطق محددة مثل مناطق عسكرية مغلقة، ويتم فيها الدفن بشكل مجهول بأرقام محفورة على لوحات معدنية ملحقة بالجثث أو الرفات.

كما أشار المرصد إلى أنه سبق أن رصد تعمد الاحتلال الإفراج عن جثث شهداء في الضفة الغربية بعد مدة من احتجازها، وهي متجمدة بدرجة تصل إلى 40 تحت الصفر، مع اشتراط عدم تشريحها، وهو الأمر الذي يخفي وراءه جريمة السرقة.

ولدى سلطات الاحتلال تاريخ حافل باحتجاز جثث الشهداء، إذ تحتجز في ثلاجات خاصة جثث 145 مواطنًا على الأقل، إضافة إلى نحو 255 في مقابر الأرقام و75 مفقودًا ترفض الاعتراف باحتجاز جثثهم، حسب المرصد.

وفي السياق، أكدت مدير المكتب الإعلامي الحكومي، إسماعيل الثوابتة، أن جيش الاحتلال امتهن كرامة جثامين 89 شهيداً من شهداء الشعب الفلسطيني، كان قد سرقها سابقاً خلال جريمة الإبادة الجماعية.

وأوضح الثوابتة في تصريح له، اليوم الاثنين، أن جيش الاحتلال سلّم جثامين الشهداء عبارة عن هياكل عظمية وجثثاً مُتحللة، في سلوك يندى له جبين الإنسانية.

وقال الثوابتة: "في جريمة اليوم ضد هذه الجثامين، فقد قام الاحتلال بتسليم هؤلاء الشهداء في 35 كفناً فقط، منهم 13 جثة وضعهم في كفن واحد، و22 جثة في كفن آخر، وباقي الشهداء جثامينهم متفرقة في عدة أكفان في طريقة مهينة وحاطة بكرامة الشهداء"