فلسطين أون لاين

يحكي اللحظات الأخيرة من "ليلة الرعب" ..

تقرير أبو حصيرة.. ينجو بأعجوبة من مجزرة ارتكبها جيش الاحتلال بعائلته

...
أبو حصيرة.. ينجو بأعجوبة من مجزرة ارتكبها جيش الاحتلال بعائلته
خاص/ فلسطين أون لاين

لم يغب عن بال آدم أبو حصيرة، صورة جده محمود وجدته عفاف، وأعمامه "محمد" و"سهيل" وابنه "حسين"، ولو للحظة منذ استشهادهم في الـ25 من مارس الماضي، وتدمير منزلهم على رؤوسهم دون سابق إنذار من قبل جيش الاحتلال الإسرائيلي.

فما أن أشارت الساعة إلى العاشرة من مساء ذلك اليوم، حتى هز محيط مجمع الشفاء الطبي بمدينة غزة انفجارات قوية تبعها توغل قوات الاحتلال التي فتحت نيران أسلحتها الرشاشة على كل من يتحرك.

حينها، أدرك آدم وأسرته، أن قوات الجيش حاصرت المنطقة وبدأت بتدمير المنازل على رؤوس ساكنيها، ليبدأ الخوف يتسلل إلى قلوبهم خشية أن يطالهم القصف أو يفقدوا أحد أفرادها، لا سيما وأنهم فقدوا منذ بدء العدوان الإسرائيلي على القطاع في السابع من أكتوبر الماضي نحو 50 شهيدًا.

ليلة من الرعب

قال أبو حصيرة: "عشنا ليلة من الرعب والخوف، فمع كل قذيفة كانت تطلقها دبابات الجيش أو صاروخ تطلقه طائراته أو بوارجه، ننطق الشهادتين ونهرب من غرفة لأخرى لتجنب الإصابة بالشظايا أو تجنب رؤية الجيش الذي قد يقصف المنزل على رؤوسنا.. مردفًا: "بقينا على هذا الحال حتى ساعات الصباح الأولى".

وأضاف: ما أن بدأ النهار ينسج أشعته ويرسلها لهم، حاولت ووالدي الاقتراب من النافذة وتفقد منزل جدي وأعمامي المكون من ثلاث طبقات، بالقرب من مفترق عيدية، والذي يتواجد به نحو 25 فردًا بينهم أطفال ونساء وكبار بالسن لنصعق بما رأيناه فالمنزل سوى بالأرض واستشهد جميع من فيه.

وتابع أبو حصيرة: "المكان كان خطيرًا جدًا، وكان جيش الاحتلال يطلق النار على كل من يتحرك، فلم يتمكن أحد من الخروج من المكان، وكل من حاول ذلك استشهد على الفور".

وأشار إلى أنه طلب من والده مغادرة المنطقة والخروج من المنزل عبر القفز من بيت لآخر قبل أن يصلهم الجيش أو تداهمهم الصواريخ فجأة، مكملًا: "نجحوا في النهاية وخرجوا من المكان بأعجوبة لنكتشف لاحقًا أن الجيش دمر وأحرق جميع المنازل المحيطة بمجمع الشفاء الطبي، وطالت قذائفه منزلنا وأحدثت به فتحات كبيرة ومتوسطة.

ولفت "آدم" إلى أن والده فور خروجهم من المكان بدأ بالاتصال على والديه وشقيقيه "محمد" و"سهيل" وأولادهم وبعض أقاربهم.. مردفًا: "لكن دون جدوى، إلى أن عثروا على أحد جيرانهم ليبلغهم بأن منزل عائلتهم تم قصفه بشكل مباشر قرابة الساعة العاشرة من مساء يوم الـ25 من مارس الماضي، الذي وافق الخامس عشر من شهر رمضان".

منازل متداخلة

وأكمل أبو حصيرة: "لم نتمكن من الوصول إلى المكان وانتشال جثامين الشهداء إلا بعد انسحاب قوات الجيش من هناك، ليصابوا بالذهول من هول ما شاهدوه، فالمكان تغيرت معالمه والمنازل تداخلت ببعضها بسبب القصف الشديد، وأخيرًا وبعد محاولات عدة عثرنا على المنزل وبدأونا نحفر بأيدينا وبأدوات بدائية بحثًا عن الشهداء، ونجحوا على مدار ثلاثة أيام من العمل المتواصل في إخراجهم بصعوبة بالغة من بين الأنقاض لتوارى أجسادهم الثرى".

وما يزيد من حزن أبو حصيرة، أنه فقد جده وجدته وأعمامه وعددًا من أولادهم وأقاربهم الذين كان يعتزم أن يبيت عندهم ليلة السادس عشر من رمضان، ويمضون الليلة في الصلاة وقراءة القرآن "لكن قدر الله وما شاء فعل".

وبين الفينة والأخرى، يترحم "آدم" على أسرته، مستذكرًا عمه "محمد" الذي كان يرافقه إلى دوار الكويتي ومفترق النابلسي، الذين قصدوه أكثر من مرة لجلب الدقيق وبعض المعلبات من قوافل المساعدات بعد أن ضربت المجاعة غزة وشمالها.

وأكد أن جيش الاحتلال كان يجبر قوافل المساعدات على تفريغ حمولتها بالقرب من المكان وتترك تحت أشعة الشمس إلى أن تتلف، أو ينجح البعض في الوصول إليها وأخذ جزءًا من حاجته ويهرب مسرعًا كي لا تصيبه رصاصات أو قذائف الجيش التي تعمد إطلاقها عليهم وإيقاع البعض شهيدًا وجريحًا.

ومنذ 7 أكتوبر 2023م، تشن سلطات الاحتلال الإسرائيلي حربًا مدمرة على قطاع غزة، خلفت عشرات الآلاف من الضحايا المدنيين، معظمهم من النساء والأطفال وكبار السن، إلى جانب تدمير البنية التحتية.