فلسطين أون لاين

تقرير الأب أبو نوفل يفقد "مهجة قلبه" ويحكي عن "المكالمة الأخيرة" مع ابنته "نور" والوداع !

...
الأب أبو نوفل يفقد "مهجة قلبه" ويحكي عن "المكالمة الأخيرة" مع ابنته "نور" والوداع !
غزة/ خاص فلسطين:

"ألو كيف حالك يا بابا وكيف ماما وإخواتي سلملي على الجميع سأشتاق لكم وسامحوني" كانت تلك الكلمات القليلة جزءًا من مكالمة هاتفية دارت بين نور أبو نوفل، ووالدها "إياد" قبل أن ينقطع الإتصال بينهما بشكل مفاجئ، ويكتشف الوالد بعد ساعات أن ابنته وطفليها التوأمين وزوجها وعدد من أقاربه استشهدوا، فيما أُصيبت ابنتها "سدين" ثلاثة أعوام، بجروحٍ أدت لتهتك وقصور في ساق رجلها الأيمن جراء قصف استهدف منزلهم في مخيم الشاطئ غربي مدينة غزة في الـ 15 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي.

وقبل سرد التفاصيل، سادت لحظاتٍ من الصمت قضاها أبو نوفل، وهو يعيد بذاكرته إلى "المكالمة الأخيرة" التي دارت مع ابنته قبل دقائق من استشهادها، ليقول: "كانت تشعر أنها على موعد مع الشهادة لذلك اتصلت بي وودعتني، فكان كل كلامها حول الصبر إن أصابها مكروه".

ويحكي الأب بلوعة الفقد، أن ابنته كانت طيبة القلب تتصل به بشكل مستمر وتطمئن دائمًا على أشقائها، مستدركًا: "لكن مكالمتها الأخيرة كان مختلفة تمامًا عن سابقاتها وكأنها كانت تودعنا وتصبرنا إن حدث لها شيء، فكانت مهجة قلبي وأحن أبنائي لم تتركنا في يوم من الأيام دون أن تتصل بي وتطمئن علينا".

شوقه لهم يلهب قلبه

ويضيف أبو نوفل، في حواره لـ "فلسطين أون لاين"، وعلامات الحزن باتت ظاهرة على وجهه: "لم أتخيل في يوم من الأيام أن تستشهد ابنتي وزوجها وأطفالها التوأم إبراهيم وغنى الذين لم يتجاوزوا الأربعة أعوام من العمر، لأنهم ببساطةٍ لم يشكلوا خطرًا على أحد، وكانوا متواجدين في منزلهم آمنين حينما باغتتهم صواريخ الاحتلال الإسرائيلي.

ولم ينجح أبو نوفل، رغم محاولاته المستمرة إخفاء دموعه التي انسابت على وجهه، أثناء حديثه عن ابنته وأطفالها الذين فرقت "الغارات الوحشية أجسادهم الطاهرة، "فالأب والأم لازالوا تحت أنقاض منزلهم فيما تم انتشال التوأم ومواراة جسديهم ثرى مقبرة الشجاعية شرقي مدينة غزة.

وبين الفينة والأخرى يقطع أبو نوفل، مسافة ما يقارب الـ 5 كيلومتر وصولًا لمنزل ابنته المدمر محاولةً من الأب "المكلوم" اخراج جثمان "مدللته وأطفالها" من تحت الأنقاض لكن دون جدوى، بسبب أكوام الركام وخطورة العمل وعدم توفر الآليات المستخدمة في العمل وعدم قدرة جهاز الدفاع المدني على انتشال الجثث من تحت الأنقاض بسبب تدميرها من قبل قوات الاحتلال.

ويحاول الخمسيني أبو نوفل، الذي يقبع في حي أبو إسكندر بمدينة غزة، التأقلم على الواقع الجديد وفقدان ابنته وطفليها وإصابة الثالثة لكن دون جدوى فالذكريات لا تفارقه وشوقه لهم يلهب قلبه.

ومع عشية عيد الفطر استرجع أبو نوفل، بعض الذكريات والأجواء التي يصنعها أبناء ابنته في أول أيام العيد، وحالة الفرح التي يشهدها منزلهم وانتظاره لجلب الحلوى لهم في كل زيارة واصطحابهم في فسحة.

ويفضل أبو نوفل، الجلوس قرب منزل ابنته "نور"، وحيدًا بعيدًا عن الأنظار خشيه أن تسقط دموعه عند استرجاع بعضًا من ذكرياته معها وخاصة بعد سفر "سدين" إلى دولة قطر مع جدتها - من جهة الأب-  لإجراء عدد من العمليات الجراحية لتمكنها من السير على قدمها وتجنبها البتر جراء إصابتها الحرجة.

ويستذكر خلال حديثه، أن حفيدته "سدين" طوال فترة مكوثها مجمع الشفاء الطبي، كانت تسأل بشكل مستمر عن أمها ووالدها وأشقائها وتبكي لغيابهم، والقول لأبو نوفل الذي كان يصبر الطفلة، ويحاول الهروب من أمامها ليذرف الدموع على حالها فهي لم تعلم بعد عن استشهادهم.

ويتابع بعد أن أطبق كف بالآخر: أن "سدين" خلال اتصالها به تسأله عن والدتها وهل اشترت لها ملابس العيد وأنها تتماثل للشفاء كي تلتقي بهم وتشاركهم فرحة العيد.

وبتنهيدة يكمل أبو نوفل: أن جرائم الاحتلال الإسرائيلي بحق سكان القطاع لن تثنيهم عن الثبات على الأرض والتمسك بها والدفاع عنها وعدم الرضوخ لإملاءاته بتهجيرهم عنها.

ويصرّ أبو نوفل، على التمسك بأرضه وعدم التخلى عنها رغم "لوعة الفقد والفراق" بعد استشهاد ابنته وأطفالها وزوجها وتدمير القطاع وارتكاب المجازر بحق المدنيين والأبرياء العزل.

 

 

المصدر / فلسطين أون لاين