فلسطين أون لاين

كيف تبدو حياة الغزيين في الشهر السادس للحرب؟

...
غزة.webp
أدهم الشريف

في ساعات النهار وعند وقوفك في مكان مرتفع ستشاهد حجم الدمار الذي خلفته آلة الحرب الإسرائيلية بالمنازل والأحياء السكنية في غزة.

أما في ساعات الليل فالمشهد مخيف بأتم ما تحمله الكلمة من معنى. فنادرًا ما تجد أحد في الطريق يكسر وحشة العتمة والسكون الدائم إلا من أصوات طائرات جيش الاحتلال التي تتلبد بها سماء القطاع.

هكذا يبدو المشهد في الشهر السادس للحرب التي شنها جيش الاحتلال يوم 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023.

وتسيِّر (إسرائيل) في أجواء غزة أنواعًا مختلفة من الطائرات الحربية من بينها المسيرة بدون طيار، والمقاتلات النفاثة أمريكية الصنع؛ والتي دمرت بغارتها الجوية وأحزمتها النارية بلدات وأحياء كاملة في محافظات القطاع الساحلي.

وبقدر استطاعتهم يحرص المواطنون على قضاء حاجاتهم مبكرًا وقد عادت الحرب بأحوالهم عشرات السنين إلى الوراء.

"لقد جعلت الحرب حياتنا بدائية" هكذا عبر عبادة سيف الدين عن الظروف المأساوية التي يمر بها أكثر من مليوني ومئتي ألف نسمة في قطاع غزة.

وبحلول الصباح يصطحب سيف الدين أبنائه ومعهم قالونات خاصة بتعبئة المياه إلى محطة اليرموك وسط مدينة غزة.

توجد هناك مضخة مياه تابعة لبلدية غزة يأتي لها المواطنون من مناطق متفرقة في المدينة بعدما انقطعت خطوط المياه المؤدية لمناطق سكنهم بسبب الغارات الجوية العنيفة التي شنتها مقاتلات جيش الاحتلال وتدمير البنى التحتية.

ويحرص سيف الدين على هذا العمل يوميًا منذ الشهر الأول للحرب، حيث تعمد جيش الاحتلال قصف آبار المياه ومحطات التحلية محاولاً إجبار المواطنين على النزوح إلى مدينة رفح، جنوبي القطاع.

"لكننا نجحنا في تجاوز المحنة وبقينا في مدينة غزة" أضاف سيف الدين لموقع "فلسطين أون لاين"، وهو يسكن وعائلته المكونة من 9 أفراد في حي الصحابة وسط المدينة.

ويفصل جيش الاحتلال محافظتي غزة والشمال عن باقي محافظات القطاع بواسطة حواجز عسكرية أنشأها على شارعي الرشيد، غربًا، وصلاح الدين، شرقًا.

ويستخدم الاحتلال الحاجزين لفرض حصار مشدد على سكان شمالي القطاع ويزيد عددهم عن نصف مليون نسمة وهو يتحكم بوصول المساعدات الإغاثية إليهم.

ولا تقل أزمة انقطاع الكهرباء بغزة وطأة عن أزمة انقطاع المواطنين من المياه أيضًا.

يقول الشاب خالد حسان: إن الحياة تعطلت في غزة بسبب انقطاع الكهرباء.

وأشار بيده وهو يتحدث مع مراسل "فلسطين أون لاين" إلى أعمدة الكهرباء الفولاذية التي تساقطت أرضًا في شارع الجلاء بمدينة غزة وتقطعت أسلاكها المتينة بسبب استهداف المنازل والأبراج والأحياء السكنية.

وأضاف: إن هذا الحال ينطبق على غالبية شوارع غزة.

وكان حسان البالغ (29 عامًا) يعمل في شركة خاصة ببيع الأجهزة الكهربائية كانت قد لحقت بها أضرار مع توغل جيش الاحتلال برًا بمدينة غزة، وبسبب أزمة الكهرباء لم يعد أحد يقبل على شرائها.

ويسعى حسان إلى تزويد بيته بالكهرباء مستفيدًا من الألواح الضوئية التي تعمل بالطاقة الشمسية، لكنه صدم بارتفاع أسعارها أضعافًا مضاعفة بسبب الإقبال الشديد عليها.

ودمرت طائرات الاحتلال قطاعات حيوية بغزة شملت مؤسسات وشركات وجامعات ومصانع ومدارس وغيرها.

وقد زادت الحرب من وطأة أزمة انقطاع الكهرباء الممتدة منذ سنوات؛ حيث قصف جيش الاحتلال محطة التوليد الوحيدة بغزة بعد أيام من أسر المقاومة الجندي جلعاد شاليط يوم 25 يونيو/ حزيران 2006.

أما لفقدان غاز الطهي تداعيات أخرى على المواطنين الغزيين.

وأجبرت هذه الأزمة الشاب محمد السويسي على جمع الأخشاب لتمكين أسرته من طهي الطعام.

يقول السويسي لـ"فلسطين أون لاين": إن الأبراج والبيوت المدمرة تحتوي على أنواع مختلفة من الأثاث المنزلي.. أذهب يوميًا إليها للبحث عن الأخشاب وجمعها.

وقد اتخذ الفتى عيد حمودة من جمع الأخشاب وسيلة لتحصيل المال، إذ لجأ إلى جمعها وبيعها في الأسواق بثمن شيقل واحد مقابل الكيلو الواحد من هذه الأخشاب.

وقال لـ"فلسطين أون لاين": إن الإقبال على شراء الأخشاب جيد خاصة أن المواطنين ليس لديهم غاز.

ويواصل جيش الاحتلال حربه دون هوادة رغم النداءات الدولية بضرورة إنهائها والانسحاب الكامل من القطاع؛ ما تسبب بكوارث إنسانية لم يعهدها الغزيين من قبل.