ما زالت الأزمة القانونية في دولة الاحتلال تضرب بأطنابها في عصبها الحقيقي، من خلال انضمام من يوصفون بأنهم "حراس البوابة" إلى هذه الاحتجاجات، وعلى رأسهم عدد من كبار الجنرالات السابقين من قادة الجيش والمخابرات، ولعل أبرزهم: تامير باردو، ويوفال ديسكين، وعميرام ليفين، ويائير غولان، وعاموس غلعاد، وعاموس يادلين.
ظهر لافتا أن انضمام هؤلاء العسكريين الكبار إلى موجة الاحتجاجات منحها زخماً إضافياً كانت بحاجة إليه، ولا سيما أنهم استخدموا مصطلحات رفعت سقف الهجوم على حكومة اليمين، خاصة اتهامها بتنفيذ سياسة الفصل العنصري ضد الفلسطينيين في الضفة الغربية، والتحذير مما وصفوها "صرخة ما قبل الطوفان"، وهي مفردة دفعت أوساط اليمين الفاشي لاتهامهم بأنهم يقودون الدولة إلى الهلاك من خلال دعواتهم غير المسؤولة في كل مرحلة من مراحل اشتداد الأزمة الداخلية المستحكمة.
صحيح أن هؤلاء الجنرالات باتوا نجوما لوسائل الإعلام الإسرائيلية المحلية، وقد تصدروا عناوينها الأولى على مدار أسابيع وشهور طويلة، لكنهم في الآونة الأخيرة باتوا يزيدون ويصعّدون من تأثيرهم في التطورات الداخلية من خلال مقابلاتهم التي يجرونها مع وسائل الإعلام العالمية، وما يعنيه ذلك من زيادة في تأثيرهم في الساحة الدولية.
في الوقت ذاته، فإن حالة التجنّد التي يبديها هؤلاء الجنرالات ضد انقلاب الحكومة القانوني من شأنه أن يزيد من حماسة الاحتجاج ضدها، ويساعد في إحباط سياسة الحكومة التي تتهمهم بأنهم يتسببون بأضرار جسيمة تلحق بأمن الدولة، والخطر على مواطنيها.
اقرأ أيضًا: مواصلة الاحتجاجات الإسرائيلية
اقرأ أيضًا: الوحش الذي ربّته (إسرائيل) ينقلب عليها
أختم هذه السطور باعترافات إسرائيلية جاءت متأخرة على ألسنة عدد من أولئك الجنرالات في الآونة الأخيرة، ولا سيما اتهام باردو لسلطات الاحتلال بأنها "تنتهج سياسة الفصل العنصري في أراضي الضفة الغربية التي تشهد تطبيق نظامين قانونيين، واحد للفلسطينيين، والثاني للمستوطنين، هذه دولة فصل عنصري، وهي أحداث تحمل محاكاة لما تقوم به منظمات إرهابية عنصرية في الولايات المتحدة تدافع عن تفوّق العرق الأبيض، والعنصرية، وكراهية الأقليات".
لم يكن باردو وحده فيما يمكن اعتبارها حملة موجهة ضد حكومة اليمين، فقد أعلن ليفين أنه "لم تكن هناك ديمقراطية في الدولة منذ 57 عاما، هناك فصل عنصري كامل، عملية مشابهة لما مرّ على اليهود خلال حقبة الحرب العالمية الثانية في ألمانيا النازية".
أما غولان فلم يتردد في الإعلان أن "ما يخيفني في ذكرى المحرقة- الهولوكوست، هو الاعتراف بأن عمليات مقلقة حدثت في أوروبا وألمانيا قبل سبعين وثمانين وتسعين عاما، أجد لها إعادة بيننا اليوم"، في حين قارن إيهود باراك رئيس الأركان ووزير الحرب ورئيس الوزراء السابق، بشكل غير مباشر، ولكن بصورة واضحة تمامًا، بين "الفصل العنصري السابق في جنوب إفريقيا، وما يحدث في "إسرائيل" اليوم".