طرأت في الآونة الأخيرة، زيادة ملحوظة في وتيرة الاعتداءات التي يشنها المستوطنون على المساجد والمعالم التاريخية في التجمعات العربية داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة منذ العام 1948.
ومؤخرًا، تسلل مستوطنون خلسة في ساعات الليل إلى مسجد المشهد في مدينة الجليل وشرعوا في أداء طقوس تلمودية داخل أسواره.
وعندما حاول أهالي القرية التصدي لهم وطردهم من المسجد، تصدت لهم شرطة الاحتلال التي شكلت حاجزًا وقائيًا حول المستوطنين، ما سمح لهم بمواصلة طقوسهم.
ووفق مراقبين، فقد جاء هذا الانتهاك بمباركة من حكومة المستوطنين الفاشية، ما يؤكد سياسة محو التاريخ الإسلامي الفلسطيني عبر هذه الأعمال الاستفزازية.
وأشاروا إلى أن هجمات المستوطنين هذه تتزامن مع الأعياد اليهودية المزعومة في شهر أيلول/سبتمبر، وهي فترة تتصاعد فيها الاعتداءات ضد المقدسات الإسلامية، وخصوصًا المسجد الأقصى المبارك بمدينة القدس.
لذا حذر المراقبون من احتمال تكرار الاقتحامات اليومية، على غرار ما شهده المسجد الأقصى، ويعدون هذه الإجراءات جزءًا من إستراتيجية الاحتلال لفرض سياسات التقسيم الزماني والمكاني.
تطور خطير
وأكد متولي الوقف في قرية المشهد بالجليل تيسير مرعي على خطورة الوضع، مبينًا أن المستوطنين اقتحموا المسجد مرارًا وتكرارًا، لكن هذه المرة كانت أعدادهم أعلى بكثير من ذي قبل.
وأوضح مرعي لصحيفة "فلسطين" أن المستوطنين يزعمون زورًا أن المسجد يضم قبر النبي يونس (عليه السلام)، ويستخدمون ذلك ذريعة للاقتحام وأداء طقوس تلمودية مزعومة.
اقرأ أيضاً: "زعارير": الأوضاع الملتهبة بالضفة رد طبيعي على اعتداءات المستوطنين
وأفاد أن مجموعات المستوطنين اقتحمت المسجد عدة مرات في السنوات الأخيرة، على الرغم من أن المسجد يحتوي على قبر أحد السكان المحليين، الذي توفي عام 1887. ويزعم المستوطنون أن لهذا القبر أهمية تاريخية يهودية.
وبحسب مرعي، يضع المستوطنون علامات أو قطعًا أثرية في كل بلدة عربية، وينسبونها زورًا إلى التاريخ اليهودي، كجزء من محاولاتهم لتشويه التاريخ الفلسطيني.
وينظر إلى اقتحام مسجد المشهد وغيره من المساجد في أراضي الـ 48 على أنه تطور خطير يسعى الاحتلال عبره إلى فرض سياسة الأمر الواقع على الشعب الفلسطيني.
تغيير التاريخ والجغرافيا
بدوره، عدّ عضو إدارة لجنة إفشاء السلام في الداخل المحتل خيري إسكندر، استهداف المستوطنين واقتحامهم للمساجد، جزء من "سياسة الاحتلال العنصرية المستمرة، التي تسعى إلى تغيير التاريخ والجغرافيا الفلسطينية والإسلامية".
وأوضح إسكندر لصحيفة "فلسطين" أن اعتداءات المستوطنين طالت معظم المقدسات والمساجد الإسلامية والمسيحية في الأراضي المحتلة وما زالت مستمرة دون هوادة.
ونبه إلى أن الاحتلال يكثف هذه الاعتداءات ليبعث برسالة مفادها أنه "المالك الشرعي للأرض وأن الفلسطينيين سيتم تهجيرهم قسراً قريباً".
وأشار إلى أن حكومة المستوطنين الفاشية، التي تضم شخصيات مثل "بن غفير" وسموتريتش، أعطت الضوء الأخضر للمستوطنين لتصعيد اقتحاماتهم.
وبحسب إسكندر، فإن الاحتلال يحاول إقناع نفسه بأن المقدسات الإسلامية في الأراضي المحتلة تابعة له عبر إلحاق أسماء يهودية ملفقة بها، على الرغم من أهميتها التاريخية والدينية ضمن السياق الإسلامي. وأشار إلى أن هجمات المستوطنين امتدت أيضًا إلى المقابر والكنائس المسيحية في مختلف البلدات العربية.
وأكد أن تساهل الحكومة المتطرفة الحالية مع المستوطنين شجعهم على ارتكاب المزيد من الانتهاكات ضد المقدسات الإسلامية. ونبه إلى أن الاحتلال يتبع نهجًا ممنهجًا في الأقصى، ويسعى إلى إقامة معادلة مماثلة داخل مساجد الأراضي المحتلة.
كما نبه إلى أن حكومة المستوطنين الفاشية تخصص ميزانيات كبيرة لهذه الأغراض.
وفي موازاة ذلك، طالب إسكندر الفلسطينيين في الأراضي المحتلة بالوقوف بحزم والمقاومة وعدم الاستسلام لسياسات الاحتلال، فهم أصحاب الحق في هذه الأرض ولن يرضخوا لسياسات تهجيرهم مهما كان الثمن.