في الوقت الذي تشهد الحدود الشمالية لفلسطين المحتلة توترًا ميدانيًّا بين الاحتلال وحزب الله، سواء بسبب أزمة الخيام التي لم تهدأ حيناً، وتتصاعد حيناً آخر، أو مزاعم الاحتلال عن نشاط متصاعد للمقاومة الفلسطينية في الجنوب اللبناني، فقد حصل مستجدّ سياسي لافت تمثل بتمديد مجلس الأمن الدولي قبل أيام تفويض قوة المراقبين التابعة للأمم المتحدة في جنوب لبنان، دون تغيير صلاحياتها بعد صراع حول حرية عملها في الميدان.
بدا لافتًا أن أوساط الاحتلال نظرت لهذا التطور بأنه إنجاز سياسي، باعتبار أنه ربما يكون سجل بعض النقاط، دون أن يعني كسبه للحرب برمّتها بالتأكيد، المتمثل في التطبيق الكامل لقرار مجلس الأمن رقم (1701) الصادر في عام 2006 عقب حرب لبنان الثانية، ووفقاً له، فلا يحق للحزب التسلح جنوب نهر الليطاني، مع أن الحزب اليوم أصبح حاضراً بحكم الأمر الواقع على الرغم من تواجد قوات اليونيفيل.
في الوقت ذاته، فإن الاحتلال يدرك أكثر من سواه أن تحقيق هذا الإنجاز السياسي في الأمم المتحدة لا يعني أن الأوضاع الأمنية ستتغير صباح اليوم التالي، عبر بدء عمل اليونيفيل لزيارة وتفقد المناطق الحدودية، مع العلم أن الأيام التي سبقت إقرار تمديد عملها في مجلس الأمن قدمت فرنسا اقتراحًا لأول مرة، لم يحظَ بالموافقة، سعى إلى تغيير مهمة القوات وربط أنشطتها بموافقة مسبقة من الجيش اللبناني، بما يتماشى مع مصالح الحزب، وفق المزعم الإسرائيلية، مع العلم أن تعاون الجيش اللبناني وحزب الله أصبح اليوم أقرب من أي وقت مضى، حتى أن بعض التقديرات الإسرائيلية تزعم أنه في المواجهة القادمة مع الحزب، سيكون الجيش اللبناني جزءاً من قواته المقاتلة.
اقرأ أيضًا: (إسرائيل).. المؤثرة والمتأثرة بتطورات لبنان
اقرأ أيضًا: لبنان.. الساحة التي قد تترجم فيها إسرائيل تهديداتها
تستدرك القراءة الإسرائيلية للقرار الأممي الجديد بالقول إنه لم يعجبها، على أقل تقدير، بعض بنود الصياغة الواردة فيه، ولا تتضمن بيانًا قاطعًا بأن الخيام التي نصبها حزب الله على الحدود موجودة في الأراضي الفلسطينية المحتلة، واكتفى بكتابة عبارة "جنوب الخط الأزرق"، دون الإشارة إلى أن هذه حدود رسمية، وتنتهك سيادة الاحتلال، على حد الزعم الإسرائيلي، في حين أنه فيما يتعلق بالسياج المقام شمال قرية الغجر، ورد صراحة أن هذا انتهاك إسرائيلي.
إن ما يمكن تسميتها بـ"المعركة" على تجديد التفويض الأممي في جنوب لبنان ليست جديدة، لكنها أعيدت من جديد بسبب العديد من التطورات الإقليمية، التي شملت تزايد جرأة الحزب على طول الحدود، والوضع الاقتصادي المتدهور في لبنان، والفوضى السياسية التي تشلّه، والضعف المحيط بالصورة الخارجية لدولة الاحتلال بسبب خلافاتها الداخلية، وما يقال عن انسحاب أمريكي تدريجي من المنطقة، وكل هذا يخدم الحزب.