فلسطين أون لاين

تقرير فلسطينيو الداخل والقدس.. ترابط مصيري قلب المعادلات

...
فلسطينيو الداخل والقدس
كفر برا/ غزة-فاطمة الزهراء العويني:

لطالما أدى فلسطينيو الداخل المحتل دوراً محورياً في نصرة المسجد الأقصى في ظل صعوبة وصول غيرهم من الفلسطينيين والعرب والمسلمين إليه بسبب قيود الاحتلال الإسرائيلي المفروضة على المدينة المقدسة المحتلة، فهم دائمو الحضور بالروح والجسد والمال شخصيًا ومؤسساتيًا.

وتعد جمعية الأقصى في الداخل المحتل من أهم تلك المؤسسات، إذ تُسيّر منذ سنوات طويلة قوافل يومية تقل المصلين من جميع مناطق الداخل الفلسطيني المحتل للمسجد الأقصى للصلاة فيه خلال أوقات الصلاة الخمسة والمشهورة باسم "قوافل الأقصى".

وعن هذه القوافل يقول مدير جمعية الأقصى يزيد جابر لـ"فلسطين": "نساعد أهل الداخل ونسهل لهم الوصول للمسجد الأقصى لنكثف وجود المصلين فيه حتى لا يكون فارغًا من المصلين في أي وقت من الأوقات".

تمكين المقدسيين

ولا يُعد تسيير القوافل الأمر الوحيد الذي تنفذه الجمعية، فهي أيضاً تعقد نشاطات مساندة كـ"مهرجان القدس للتسوق" الذي تهدف من خلاله للتمكين المقدسيين اقتصادياً حيث يتسوق فلسطينيو الداخل في أسواق البلدة القديمة في القدس.

ويقول جابر: "لا تنفك الجمعية عن تنظيم فعاليات موسمية كاستقبال حجاج بيت الله الحرام في المسجد الأقصى بمهرجان تكريمي في المسجد الأقصى يشمل إلى جانب التكريم، تحريك السوق في البلدة القديمة لإيمان الجمعية بأن تمكين الإنسان المقدسي مادياً يمكنه من أن يعيش كريماً آمناً في مدينته".

اقرأ أيضًا: "قوافل الأقصى".. أهل الداخل المحتل لم يضِلّوا طريق العودة لقضيتهم

وتبلغ مساحة البلدة القديمة في القدس 900 دونم، ويسكنها نحو 40 ألف مقدسي، إضافة إلى أكثر من ألفي مستوطن يعيشون بقوة الاحتلال في 77 عقارًا استولوا عليها في السنوات الماضية.

وحتى عام 2002 كان تجار القدس يعتمدون على فلسطينيي الضفة الغربية وقطاع غزة، إلا أن عملية بناء جدار الفصل العنصري حالت دون ذلك، فبقي المنفذ الوحيد لهم فلسطينيو الداخل المحتل.

ويواجه هؤلاء التجار سياسات طرد منظمة عبر منظومة ضريبية عالية التكلفة مثل ضريبة الأملاك "الأرنونا"، إذ تفرض سلطات الاحتلال ما قيمته 370 شيكلًا على المتر الواحد من المحل التجاري، في حين يضطر صاحب المحل المكون من 100 متر لدفع 37 ألف شيكل سنويًا، إضافة إلى ضريبة الدخل، وضريبة 18% وما يسمى التأمين الوطني والصحي، ما أدى لضعف اقتصاد البلدة القديمة بفعل الحصار موجود.

إغاثة وتنشئة

وتركز الجمعية وفق جابر، على النشء الجديد وغرس حب الأقصى في نفوس الأطفال عبر الورشات الثقافية التي تنظمها بالشراكة مع مكتبة الأقصى والجولات الإرشادية في مصليات الأقصى والمتحف الإسلامي بالقدس يقول عليها مرشدون متخصصون في مشروع "عيون البراق" الذي يعنى بتأهيل المرشدين للمسجد الأقصى

كما تنفذ الجمعية مشاريع إغاثية لترميم المباني في البلدة القديمة وتوفير القرطاسية للأطفال المقدسيين الفقراء، وكسوة الشتاء، والمساعدات الطبية لمستشفيات وعيادات القدس والأقصى.

ويلفت جابر إلى قيام الجمعية حالياً على حملة جديدة منذ يوليو الماضي بعنوان "كي يبقى الأقصى عامراً" لدعم مشروع قوافل الأقصى، ستستمر حتى نهاية شهر أغسطس الجاري، وتشمل جمع تبرعات في مختلف مساجد الداخل، وعبر موقع الجمعية على شبكة الإنترنت ومنصّات التواصل الاجتماعي، وعن طريق مندوبي الجمعية والحركة الإسلامية في مختلف الفروع.

اقرأ أيضًا: "قوافل الأقصى".. بين التضييقات الإسرائيلية والإصرار على إعمار المسجد

وأضاف جابر: "لا نغفل أهمية الجانب التوعوي، إذ يجوب مندوبونا المدن والقرى في الداخل للتوعية بأهمية شد الرحال للمسجد الأقصى وتوسيع نطاق مشروع القوافل ليشارك فيها المزيد من شرائح المجتمع من صغار وكبار السن".

ومضى بالقول: "تشهد القوافل إقبالًا، لكننا أيضًا ندعم ذلك بالكثير من الفعاليات التي تحث الناس على المزيد من المشاركات لمن ليست لديهم القدرة المالية على ذلك كأهلنا في النقب المحتل خاصة في القرى مسلوبة الاعتراف الذين يمثل لهم الوصول للأقصى مشقةً مادية كبيرة".

حراك جذري

من جانبه يؤكد الباحث حسين مواسي عدم وجود فروقات بين السياسات الاحتلالية والاستعمارية في الضفة الغربية والقدس، والحصار المحكم على قطاع غزة، وبين سياسات التمييز على أساس عرقي وديني ضد فلسطينيي الداخل في أراضي 1948. 

ويقول: "كثيراً ما شارك فلسطينيو 48 في النشاطات الاحتجاجية التي كانت تجري بصورة خاصة في المسجد الأقصى، فرابطوا فيه إلى جانب أشقائهم المقدسيين، ومَن تمكّن من دخول القدس المحتلة من الضفة الغربية".

اقرأ أيضًا: أهالي الداخل المحتل يشاركون في قوافل الرباط والصلاة في الأقصى

وفي ورقة بحثية نشرتها مؤسسة الدراسات الفلسطينية، يضيف مواسي: "يكفي أن نُذكّر بيوم الأرض في 30 آذار / مارس 1976، حين انتفض فلسطينيو 48 ضد مصادرة آلاف الدونمات من الأراضي الخاصة أو المشاع في الجليل والمثلث والنقب، وكيف عمّ الإضراب العام المناطق كلها. وبات يوم الأرض حدثاً محورياً ومؤسسياً في الصراع على الأرض وفي علاقتهم بالمؤسسة الإسرائيلية".

وذكّر في ورقته المعنونة "فلسطينيو 48: مصير واحد ونضال مشترك ضد الاحتلال والتمييز"، بالحراك الجذري لفلسطينيي الداخل في هبّة أيار/ مايو 2021 في معركة "سيف القدس" "فهي احتجاجات اندلعت نصرة للقدس، وبثّت لدى فلسطينيي 48 مزيداً من الشعور بالانتماء إلى فلسطينيتهم التي لم يتخلوا عنها يوماً، بالرغم من سياسات العزل السياسي والاجتماعي والقمع على خلفية قومية".

ومضى مواسي بالقول: "شعروا بأنهم جزء من شعب مترابط يمارس أشكال المقاومة كلها لهدف إستراتيجي/ حلم واحد، هو فلسطين. وجاءت صواريخ غزة وهبّة القدس ومواجهات الضفة، وتظاهرات الشتات وفي دول العالم، لتعلن أن الشعب الفلسطيني، شبه الأعزل، يمكنه أن يقاوم الطاغوت الصهيوني، بل يفرض عليه موازين قوى ومعادلات جديدة تربط بين ما يجري في أي جزء من أجزاء الوطن: غزة والضفة والقدس والـ 48".