فلسطين أون لاين

بالصور ميار العيايدة.. فارسة شغفها الخيل حبًا

...
الفارسة ميار العيايدة
الخليل-غزة/ أميرة غطاس:

تجوب ميار عيايدة، وهي فارسة ومدربة خيالة بلدة الشيوخ بوتيرة شبه يومية، في صورة تجمع بين الشجاعة والعزم.

إلى الشمال من مدينة الخليل تقع البلدة التي تضم بين جنباتها 50 خيلًا، تمثل مشروعًا عائليًا وقد اعتادت ميار منذ صغرها على مشاهدة الخيول وهي تعدو تثير النقع بحوافرها كلما ضربت الأرض.

تقول ميار (20 عامًا): إنها شُغفت بحب الخيل منذ طفولتها، "فعند أخي نادٍ للفروسية، كنت أقضي جلّ وقتي فيه، أضع الطعام والشراب لهم، وأسدّ مكان أخي في غيابه، فكانت تلك الأوقات هي الأحبّ إلى قلبي".

شغف الطفولة

اقتحم الخيل حياة ميار وأخذت على عاتقها ألا تحيد عن ذلك الشغف الذي نمى وترعرع، حتى أصبحت اليوم مدرّبة فتيات وأطفال على مسارات خارجية في نادي مربط الأسمر لتكون الخيالة الأولى في الخليل وهو مشهد غير معتاد فلسطينيًا.

الفارسة ميار (5).jpeg
تعلمت ميار من الخيل القوة والشجاعة والثقة، كما تقول، فهو الصاحب الأقرب لها من كل إنسان، "تعلّمتُ منه الصبر والثبات، وأساليب الاتصال بالحيوانات وترويضها والوفاء الذي لا بدّ أن يكتسبه كل إنسان".

ميار درست تخصص التجميل في الجامعة، ولم تدرس عن علم الخيل وكيفية تعليمه الأطفال، غير أنها أصبحت مدربةً ماهرةً ومعلمةً مجتهدةً تحرص على الفتيات اللواتي يأتين ليتعلمن هذه الرياضة بحكم المهارات التي تلقتها من شقيقها الأكبر، عبر متابعة منصات رقمية تُعنى بشؤون الخيل.

وتضيف: "ظهوري في مشهد خيالة كان له تأثير كبير على الأهالي، وهو ما دفع أولياء الأمور لتسجيل بناتهم حتى يحترفن ركوب الخيل.

الفارسة ميار (4).jpeg
وتتّبع ميار مهارات عملية في التعامل مع الأطفال الصغار، مقدمة نصائحها لهم بإيمان ينبع من خبرة وحب لهذا المجال، مشيرة أنها تستقبل الأطفال من سن السادسة وتتعامل معهم بلطف ولين وهذا ما يؤدي إلى كسر حواجز الخوف عندهم.

وتكمل أنها في الكثير من المرات تفاجأت بمواهب الأطفال وسرعة البديهة لتعلمهم وإتقانهم لهذه الرياضة في وقت قياسي، رغم كونها دقيقة وتحتاج إلى شجاعة غير أن الكثير من الأطفال عندهم المهارة التي تحتاج إلى التوجيه والتنمية لنخرج جيلًا يشارك في مسابقات عالمية باسم فلسطين.

وعن نظرة المجتمع المحافظ لتلك الرياضة، تعلّق: "أصبحت الفتاة اليوم أكثر جرأة وشجاعة لركوب الخيل من ذي قبل، فأنا لا أخجل مما أقوم به فالأمر ليس سوى هواية وتنفس بإمكان الجميع أن يستمتع به".

كأنها أم للخيل

وتمضي بالقول: "تلقيت دعمًا كبيرًا من عائلتي، ولأخي منتصر الفضل الأكبر، فهو المعلّم الأول الذي أطلعني على عالم الخيل، وملأني إيمانًا وثقة بأنني سأصبح خيالة وفارسة في المستقبل القريب".

الفارسة ميار (2).jpeg
ويقول منتصر لـ "فلسطين": عندي الكثير من الأخوات، لكن ميار كانت مختلفة عنهم في مدى حبها وتعلقها بالخيل منذ الصغر، أحببت فيها الاهتمام والشغف الذي تحمله للخيل كأنها أمٌ تعطف على صغارها".

ويعبر عن فخره بأخته واعتزازه بمهارتها، مؤكدًا أن الخيل عالمٌ كبيرٌ وواسع ومظهر قوة وأصالة، ورسولنا صلى الله عليه وسلم أوصانا بتعلّم ركوبه وتعليمه أولادنا، وأخبرنا بأن الخير معقود في نواصيها.

ويتابع: "يبقى الخيل معلّق بقلب الخيّال، فأنا أيضًا ورثت المهنة أبًا عن جدٍ، وتعلّمت ركوبه منذ الصغر كميار وافتتحت النادي الذي عيّنت فيه أختي مدربةً للفتيات منعًا من الإحراج وتشجيعًا للأهل على إرسال بناتهن".

ويشير منتصر إلى أن أكثر الخيل الذي يربيه عربي أصيل، وخيل فريزيان، وخيول تدريب روّضها بنفسه لتكون أليفة لا تؤذي المتدربين ولا تخيف الأطفال.

ترويض الخيل

وعن مراحل ترويض الخيل يسرد، أن ترويضها يعني تهيئة الخيل للعمل والتعامل مع الإنسان بطريقة آمنة وفعالة، تبدأ من تعرّف الخيل على راكبه، ثم الانتقال معه إلى مرحلة التعليم الأساسي عبر أوامر تملى عليه كالقفز والدوران والتوقف.

الفارسة ميار (3).jpeg
وحتى لا يستوحش الناس، يصطحب منتصر الخيل إلى الشارع أو إلى مكان فيه ضوضاء، بهدف تعويده على ذلك وعدم إعطاء ردة فعل قوية في حال كان يركبه المتدربين، مؤكدًا أن ترويض الخيل يتطلب صبرًا وخبرة وتفهمًا للطبيعة الخاصة به.

وبالعودة إلى ميار، توجه رسالتها إلى الأهالي قائلة: تعليم أطفالكم ركوب الخيل يعزز من تنمية مهاراتهم الجسدية والعقلية، ويساهم في تقوية العلاقة بينهم وبين الطبيعة، ويعلمهم المسؤولية تجاه المخلوقات الأخرى، إضافة إلى الصبر والتحكم في أنفسهم والتعامل مع المواقف المختلفة.

وتطمح الفارسة الشابة بالمشاركة في مسابقات عالمية مع أبرز الأسماء على مستوى العالم، قائلة "أعلم أن حلمي ليس سهلًا، ويتطلب تفانيًا وتدريبًا مستمرًا، وصبرًا غير محدود، لكن لأجل فلسطين سنفعلها".