تتزايد التقارير الإسرائيلية الأمريكية عن جهود على نار سريعة لاتفاق تطبيع مع السعودية، وكأن الجانبين في حالة سباق مع الزمن لإبرام هذا الاتفاق، الذي لا يقل دراماتيكية عن بقية العناوين الإسرائيلية في الأيام الأخيرة، ويستحق تصدر وسائل الإعلام ونشرات الأخبار، بجانب التوتر على الجبهة الشمالية، وتفاقم الاحتجاجات الداخلية.
لم يعد سرّا أن الدائرة الضيقة برئيس الحكومة بنيامين نتنياهو تجري بهدوء جملة من المحادثات السريعة بشأن هذا الاتفاق المزمع في واشنطن، سواء رئيس الموساد ديفيد بارنيع، أو مستشار الأمن القومي تساحي هنغبي، أو وزير الشؤون الاستراتيجية رون دريمر.
في الوقت ذاته، ربما يدرك هؤلاء جميعًا، ونظراؤهم في واشنطن والرياض، أنه من أجل الارتقاء بالعلاقات السعودية الأمريكية من جهة، ومن جهة أخرى إنجاز اتفاق تطبيع إسرائيلي سعودي، سيكون من الضروري أن توقف حكومة اليمين انقلابها القانوني، وإبعاد وزرائها المتطرفين الفاشيين، وتقديم بعض المبادرات الميدانية تجاه الفلسطينيين مثل وقف وتقليص البناء الاستيطاني في الأراضي المحتلة.
اقرأ أيضا: مطالب الأطراف المتناقضة من التطبيع السعودي مع الاحتلال
أما السعودية، فسوف تطالب الولايات المتحدة بما سبق أن قدمته من مطالب، ولا سيما الحصول على طائرات إف 35، وإنشاء اتفاقية تحالف دفاعي، والأهم من ذلك منحها القدرة على تخصيب اليورانيوم، وإقامة مفاعل نووي مدني.
الولايات المتحدة يظهر الكونغرس فيها أنه أبعد ما يكون عن الموافقة على مطالب السعودية، بجانب المعارضة الإسرائيلية لها، ولا سيما وأن حكومة اليمين قد تجد صعوبة أكبر في إعلان المزيد من العطاءات الاستيطانية في الأراضي المحتلة، بسبب تركيبتها العنصرية، بزعم أنها مطالب يستعصي تحقيقها أمام رموز اليمين الفاشي.
مع العلم أنه إذا كان هناك مفاوضات جادة بين مثلث الرياض وواشنطن وتل أبيب، فإن الأخيرة ستكون مطالبة باتخاذ قرارات أمنية وسياسية صعبة وحاسمة، بالرغم من أن الأوضاع الأمنية المحيطة بها ليست على ما يرام، فالحدود الشمالية مع لبنان ليست هادئة، والهجمات الفلسطينية في تصاعد، والاحتجاجات الإسرائيلية في شوارع المدن لا تنتهي، بل يتوقع أن تزداد، والجيش يجد نفسه في قلب الاستقطابات الحزبية الداخلية، مع تفاقم ظاهرة رفض الخدمة العسكرية.
صحيح أن بايدن ونتنياهو بحاجة لإنجاز سياسي، كلّ لظروفه ومصالحه الخاصة، فالأول يسعى لمنع تزايد نفوذ الصين في المنطقة، وهو يراها تواصل زحفها باتجاه الخليج والشرق الأوسط وإفريقيا، ولا سيما مع السعودية، التي تشهد معها علاقة متنامية تدريجية، في حين تسعى المملكة للمساهمة بإنشاء قوة مضادة لإيران، الذي يتقدم مشروعها النووي، في حين تتراوح الأصوات الإسرائيلية بين تأييد الاتفاق مع السعودية، أو وضع التحفظات عليها، خشية من اعتبارات إستراتيجية بعيدة المدى.