تتسارع الخطى الإسرائيلية لإنجاز اتفاق تطبيع مع السعودية عبر وساطة أمريكية تريد إنجازه قبيل الدخول في العام الرابع من الدورة الرئاسية الأمريكية، ويريد بايدن أخذ هذا الاتفاق كجزء محوري في دعايته الانتخابية، لكنه يسعى لإيجاد تسوية مع المملكة لتحقيق الاتفاق، وفي الوقت ذاته عدم الاستجابة لكل مطالبها، ولا سيما المتعلقة بصفقات الأسلحة والبرنامج النووي المدني.
لم يكن غريبًا أن يتحرك ممثلو الإدارة الأمريكية، خاصة وزير الخارجية أنطوني بلينكن، ومستشار الأمن القومي جيك سوليفان، ومبعوث مجلس الأمن القومي للشرق الأوسط بريت ماكغورك، ذهابًا وإيابًا إلى مدينة جدة نيابة عن بايدن، بجانب المقالات اليومية للكاتب الكبير توماس فريدمان الذي يعبر غالبًا عما يدور في البيت الأبيض، الذي ألقى في الأيام الأخيرة جملة تلميحات مفادها أن بايدن عازم على إنجاز هذا التطبيع.
يرصد الإسرائيليون ما يعدونها مصالح متبادلة بين الرياض وتل أبيب وواشنطن في مسار التطبيع الجاري تحقيقه، ولو أنه بدا متعثرًا بعض الشيء، في ضوء رغبة هذه العواصم بإنجاز مطالبها على حساب الأخرى، فالسعودية تريد إنقاذ حل الدولتين مع الفلسطينيين، لتقديمه لتسويق تطبيعها أمامهم وأمام العرب، بجانب توقيع اتفاقية دفاعية مع الولايات المتحدة على غرار حلف الناتو، وتحصيل موافقتها لبناء منشأة نووية لأغراض الطاقة.
اقرأ أيضا: التطبيع في ميزان البيت الأبيض
وفي حين تسعى واشنطن لانفصال المملكة عن الصين وإيران، وإجبار الاحتلال على تجنب ضم الضفة الغربية، والحفاظ على الوضع القائم فيها، وتوفير فرصة لإقامة دولة فلسطينية، فإن الاحتلال ذاته ماضٍ في مخططه لاختراق المنطقة العربية، وبدون أن يدفع ثمن ذلك، كعادته يأخذ ولا يعطي، مع العلم أن اهتمام حكومة اليمين الحالية بضمّ الضفة الغربية إلى الأبد، لن يقابله تحقيق التطبيع مع السعودية وبقية العالم الإسلامي، لأنه ببساطة لا يمكن تحقيق كلا الأمرين معًا.
يظهر بشكل لافت ترديد المزاعم الاسرائيلية عن إمكانية التطبيع مع السعودية، دون التقدم في إنجاز حلّ للقضية الفلسطينية، كما حصل في اتفاقيات التطبيع السابقة مع الإمارات والبحرين والسودان، ما قد يبدد القلق الإسرائيلي، من تزايد الحديث الأمريكي عن ضرورة الالتزام بحلّ الدولتين، في حين أعلن نتنياهو مؤخرًا أنه سيسعى بكل جهده لـ"اجتثاث" هذا الحلّ.
هذا التباين في المواقف قد يوجد مسافة وسطى بين جميع الفرقاء مفادها أن تحتوي وثيقة التطبيع على بيان عام حول استمرار عملية التسوية، وهو نوع من الصياغة التي يمكن حتى لليمينيين الفاشيين في حكومة الاحتلال التعايش معها.