ظاهرة لافتة شهدتها الآونة الأخيرة في الساحة السياسية والحزبية الاسرائيلية، تمثلت في هجمات يشنها أعضاء الكنيست والوزراء من الائتلاف اليميني الفاشي الحاكم على رؤساء المؤسسة الأمنية مثل قادة الجيش، والشاباك والموساد والشرطة، وكبار الضباط والجنرالات الآخرين.
ذروة هذه الظاهرة وصلت عشية إصدار جهاز "الشاباك" وقيادة الجيش تقييمات تتهم المستوطنين اليهود بتنفيذ عمليات إرهابية ضد الفلسطينيين، ما يؤدي لزيادة عمليات المقاومة ضد الاحتلال، مما أثار غضب العديد من أعضاء التحالف اليميني المتطرف الذين هاجموا المؤسستين الأمنية والعسكرية، بزعم أنهم يتبنون أفكارًا يسارية، وأن السياسة قد تغلغلت في الرتب القيادية العليا للأمن، فيما بقي رئيس الحكومة صامتًا، ولم يحرك ساكنًا.
عديدة هي الاتهامات التي يشنها هؤلاء الفاشيون على قادة المنظومة الأمنية والعسكرية، ومنها: التراخي في تنفيذ القانون، والتحيز السياسي لمعسكر اليسار، وغياب النزاهة المهنية، وصولا للاتهامات الشخصية، مما يترتب عليه كثير من الأضرار بشكل خطير على الأمن القومي للاحتلال، بزعم أنها تقوض مكانة كبار الضباط، في الوقت الذي تتزايد فيه التهديدات الخارجية من جهة، ومن جهة أخرى تهدد الأزمة الداخلية كفاءة الجيش، وتضرب في أهليته لخوض الحرب القادمة.
اقرأ أيضًا: "معاليه أدوميم وتل أبيب".. إعلان فشل للعدوان على الضفة
اقرأ أيضًا: هل تنجح الخطة "ب" بتشكيل حكومة إسرائيلية موسعة؟
مع العلم أن تقييمات الشاباك والجيش تستند إلى أن الإرهاب اليهودي كفيل بأن يؤجج المقاومة الفلسطينية، ويدخل في دائرة العمليات العديد من الفلسطينيين الذين لم يكونوا فيها من قبل، لأن الأذى الذي يلحق بهم، وما يعانونه، والأضرار الجسيمة التي لحقت بممتلكاتهم، سيؤدي لهجمات انتقامية، وسفك دماء اليهود، كما حدث بعد قتل المستوطنين لعائلة دوابشة في قرية دوما قبل سنوات.
علاوة على ذلك، فإن الضباط، وفقًا للقانون، لا يستطيعون الدفاع عن أنفسهم في مواجهة هذه الهجمات، لاسيما على الصعيد العلني، لأن الأمر متروك لرؤسائهم على المستوى السياسي، مع العلم أن أعضاء الكنيست اليمينيين، أو الوزراء المعينين، ممن دأبوا في الآونة الأخيرة على انتقاد أداء قادة الأمن، فلعلهم مطالبون بأن يوجهوا انتقاداتهم للمشرف المباشر على هذه الأجهزة، وهو رئيس الوزراء، لأنه وحده هو العنوان، كما أن الانتقاد الموجه لضباط الجيش يجب أن تكون يافطته الأساسية وزير الحرب، لأنه المسؤول عنهم، وهو من ذات الائتلاف اليميني.
صحيح أن هذه الهجمات التي يشنها أعضاء الكنيست والوزراء ضد قادة الجيش والأمن تسمى وفقا للقانون "جريمة إهانة موظف" كما ينص على ذلك قانون العقوبات، ويُعاقب عليها بالسجن ستة أشهر، لكن هؤلاء النواب يتمترسون خلف "القبة الحديدية" مزدوجة الأركان: أولاهما حصانتهم البرلمانية، وثانيهما عدم قدرة ضباط الأمن والجيش على الدفاع عن أنفسهم.