فلسطين أون لاين

دير بئر يعقوب.. معلم أثري ديني ومقصد سياحي نابلسي

...
دير بئر يعقوب.. معلم أثري ديني ومقصد سياحي نابلسي
نابلس-غزة/ هدى الدلو:

يعد دير بئر يعقوب في نابلس مرتكزًا تاريخيًا وإحدى الوجهات السياحية التي تستقطب زائري المدينة، حيث يضم الموقع آثارًا تعود إلى عدة مراحل زمنية.

ويحمل البئر العديد من القصص والأساطير القديمة، فيُقال إنه بني في العصور القديمة وأطلق عليه اسم "يعقوب" تيمنًا بالنبي يعقوب (عليه السلام)، ويرتبط المكان أيضًا بشخصيات أخرى من التاريخ الإسلامي والمسيحي، وفق مدير حماية آثار نابلس إياد ذوقان.

ويوضح أن دير بئر يعقوب يقع في الجهة الشرقية من مدينة نابلس، ويفصله شارع بلاطة عن مخيم بلاطة للاجئين من الجهة الجنوبية، وتقابله مباني قرية بلاطة البلد من الجهة الغربية، ويقابله مدينة نابلس الصناعية من الجهة الشمالية.

يصنف الموقع التاريخي بأنه عبارة عن دير وكنيسة، حيث يشرف على الموقع بطريركية الروم الأرثوذوكس، ولا تفرض أي قيود على الدخول أو تعليمات بخصوص لباس موحد للدخول، أو حتى أي رسوم.

ويقول ذوقان: "يتمتع الدير بمكانة دينية مهمة لارتباطه بالموروث الديني حسب الاعتقاد المسيحي بسيدنا يعقوب وقصة عيسى عليه السلام مع المرأة السامرية، ونظرًا لهذه الأهمية نال البئر ومحيطه قدسية خاصة نتج عنها إقامة كنيسة بيزنطية تعد من أقدم الكنائس في القرن الرابع للميلاد".

صراع الحفاظ على الكنيسة

ويشير إلى أنه في بداية الاعتراف الرسمي بالديانة المسيحية في فترة الإمبراطور قسطنطين 324م- 337م، سارعت والدته هيلانة إلى إقامة عدد من الكنائس على خط سير سيدنا عيسى، وقد أقيمت هذه الكنيسة قبل منتصف القرن الرابع للميلاد، وجعلت من بئر يعقوب عليه السلام مركزًا لها، ولكن الكنيسة هدمت لاحقًا بفعل الحروب والزلازل.

ويبين أن التدمير الأول حصل نتيجة ثورة السامريين على الحكم البيزنطي عام 484 م، ثم أعاد الإمبراطور جوستنيان بناء الكنيسة في عام 529 م.

وزار تلك الكنيسة الكثير من الرحالة الأجانب في الفترة البيزنطية، ويرجح أنها هدمت في نهاية القرن السابع بفعل زلزال ضرب المنطقة، وفي الفترة الصليبية أعيد بناء الكنيسة على مساحة أقل.

ويلفت ذوقان إلى موقع البئر أصبح في نهاية الكنيسة من الجهة الشرقية على الرغم من تهدم الكنيسة الصليبية بفعل عوامل الزمن إلا أنها بقيت مزارًا للحجاج المسيحيين، مبينًا أن البئر بحالة سليمة وتنبع المياه منه على مدار العام من عمق أربعين مترًا.

ويضيف: "في عام 1860 قامت البطريركية اليونانية بشراء موقع الكنيسة والأراضي المحيطة بها تمهيدًا لإعادة بناء الكنيسة، ولكن لم يستكمل بناؤها بسبب نشوب الحرب العالمية الأولى عام 1914م، وفي عام 1988م استكمل راعي الكنيسة يوستينوس بناء الكنيسة على شكلها الحالي وأصبحت تقام بها الصلوات وتعد مقصدًا سياحيًا مهمًا".

اهتمام سياحي

ويذكر ذوقان أن جرَّة الماء التي كانت تحملها المرأة السامرية ما تزال حتى الآن موجودة في الكنيسة محفوظةً في بيت من الزجاج على أحد أعمدة الكنيسة، ويمكن للزائر أن يراها بوضوح، كما أن جزءًا من جمجمة القديسة فوتيني محفوظةٌ بها داخل بيتٍ من الزجاج.

وتمتاز الكنيسة ببنائها المذهل مع الرسومات والرموز والتماثيل الدينية التي تُزينها التي تعطيها جمالًا خاصًا وفريدًا من نوعه.

وينبه ذوقان إلى أن الآثار المكتشفة في دير بئر يعقوب تعد مصدرًا ثريًا للمعلومات بشأن الحضارات التي مرت عبر المنطقة كالبئر، والأرضية الفسيفسائية، وأساسات الكنيسة البيزنطية، وتُظهر دليلًا على الحياة القديمة والعادات والتقاليد التي انبثقت عنها.