فلسطين أون لاين

"الشيخ شعلة".. موقع أثري يجابه أطماع الاستيطان الإسرائيلي

...
الموقع الأثري "الشيخ شعلة" في مدينة نابلس في الضفة الغربية
نابلس/ غزة- هدى الدلو:

يتميز مقام الشيخ شعلة بتاريخه العريق الذي يمتد لثلاثة آلاف سنة، ويقع على سفوح جبل عيبال شمالي مدينة نابلس في الضفة الغربية، ويعد الموقع مكانًا أثريًّا هامًّا ومقدَّسًا للمسلمين، وقد خضع لتجديد وترميم بعض مبانيه ومعالمه القديمة في الآونة الأخيرة، ويتعرض لمحاولات استيطانية مُمنهجة بهدف السيطرة عليه وتحويله إلى مقام ديني يهودي.

أهمية إستراتيجية

"الشيخ شعلة" مقام إسلامي وقلعة أثرية قديمة، تتوسط مدينة نابلس التاريخية وسبسطية، وله أهمية إستراتيجية لكونه موقعًا متقدم ويشرف على الطريق المؤدي إلى سبسطية الذي يعمل على حمايتها، وفق عبد الرحيم عواد خبير الآثار.

ويشير إلى أنه هذا المقام يعد من الآثار التاريخية الهامة في المنطقة، مما يجعله من المواقع ذات القيمة الأثرية الكبيرة، ويتكون المقام من بقايا مبانٍ ومرافق عتيقة تعود لعصور مختلفة، مما يعكس تاريخ طويل وغني لهذه المنطقة.

ويقول عواد لصحيفة "فلسطين": "من الناحية البيئية لموقع مقام جبل الشيخ شعلة أنه يتميز بجمال تضاريسه، وعبّر عن أقدم أشكال الاستقرار والبناء التي تعود إلى العصر الروماني، حيث وجد بقايا بناء وحجارة الجدران ذات طراز روماني تبين أنه كان عبارة عن قلعة محصنة في ذلك العصر".

وكانت القلعة تعتمد على مياه الآبار الموجودة في الموقع، إلى جانب عين هارون القريبة منها والموجودة في قرية الناقورة.

وفي الفترة البيزنطية يوضح أن قلعة الشيخ شعلة تحولت إلى كنيسة بيزنطية وتم التوسع في البناء لتضم أراضي مجاورة من القرية المحاطة بالسور، وتحتل معظم قمة الجبل، ويوجد بقايا من الأرضيات والفسيفساء، كما يمكن ملاحظة بعض النقوش باللغة اليونانية والتي تشير إلى وجود كنيسة ولا يزال النقش موجودًا على مدخلها الغربي.

ويضيف عواد: "وأعيد تأسيس الموقع على شكل قلعة مرة أخرى في العهد المملوكي، وكانت تستخدم كمركز لقوات صلاح الدين الأيوبي أثناء الحروب الصليبية، وبالتالي فكان لها دور هام في المنطقة ومن هنا اتخذت اسمها بقلعة الشيخ شعلة، ويتضح من ذلك أنها كانت منطلقًا للإشارات العسكرية المشفرة لجيوش صلاح الدين".

وقد كانت ترسل الإشارات باستخدام المشاعل ليلًا وتستقبل من المواقع الأخرى كمقام الشيخ غانم على جبل جرزيم وغيرها، فكانت بمثابة قلعة عسكرية لقربها من بلدة سبسطية الأثرية، ومهمتها الرصد وتبادل الإشارات مع رؤوس الجبال، فلا تزال بقايا القلعة قائمة على شكل بناء مربع بمساحة 120 مترًا مربعًا.

ويتابع حديثه: "وفي العهد العثماني تم إعادة تأهيل البناء وإقامة قصر محلي فوقه ليكون مقرًا لأحد الزعماء المحليين من عائلة الكايد كونه في تلك الفترة كان الحكم لمشايخ العائلات".

ويحتل المقام موقعًا إستراتيجيًا ومهمًا في المنطقة المحيطة به، حيث تم بناء مقامات أخرى عليها، منها مقام بازيد في قرية برقة، ومقام باسم المزار الذي يقع على جبل يتبع لقرية الناقورة.

أعمال الترميم

وفي عام 2018 كانت هناك محاولات ترميمية إنقاذية للقلعة على شكل أعمال تدعيم وترميم للواجهات الخارجية بهدف الحفاظ على البناء من الانهيار، والبدء بمراحل من إعادة تأهيله ليصبح موقعًا سياحيًّا.

ويبين عواد أن وزارة السياحة تهدف إلى إعادة تأهيله كحديقة أثرية وموقعًا جاذبًا للسياحة الداخلية والخارجية وربطة بالمسارات السياحية، خاصة تلك المرتبطة بكل من بلدة سبسطية الأثرية ومدينة نابلس، كأهم موقعين سياحيين في الشمال.

ويلفت إلى أن معظم مواقع الجبال تعد هدفًا للاحتلال والاستيطان الإسرائيلي ومنها موقع الشيخ شعلة بسبب ما يتمتع به من إطلالة ومميزات إستراتيجية جعله عرضة لأطماع الاحتلال الذي دأب ومستوطنيه القيام بأعمال استفزازية خاصة وقت الليل التي تهدف للسيطرة عليه.

كما توجد محاولات للمستوطنين لتزوير الحقائق وتحريفها بتسمية المكان بـ "النبي الحارق"، وهي كناية عن الشعلة المستخدمة في الإشارات العسكرية في العقود السابقة، ويعد ذلك نموذجًا من الأعمال التي يقوم بها الاحتلال في معظم المواقع الفلسطينية.