مرت سنوات عديدة على المقاومة في الضفة الغربية دون أن يُعرف من يقودها حتى ذهب كثيرون للقول بأنها عمليات فردية غير منظمة ولا علاقة للتنظيمات الفلسطينية المقاومة بغالبيتها.
اليوم يمكننا التأكيد أن فصائل المقاومة هي التي تقود العمل المقاوم في الضفة الغربية وخاصة بعد تنفيذ عناصر ينتمون إلى كتائب الشهيد عز الدين القسام أو لحركة حماس سلسلة من العمليات الفدائية المؤلمة لجيش الاحتلال الإسرائيلي وقادته، ويبدو أن الجديد في سياسة الحركة في هذا الوقت هو كشف مسؤوليتها عن العمليات وهذا يعني أنها ربما نفذت كثير من العمليات السابقة و لم تكشف عنها لأسباب تخص عملها في الضفة الغربية، وكذلك فإن حركة الجهاد الإسلامي نفذت الكثير من العمليات العسكرية ضد الاحتلال في الضفة الغربية وخاصة في جنين ونابلس، وحتى حركة فتح لها نشاطات عسكرية ضد الاحتلال الإسرائيلي، والقصد أن التنظيمات الفلسطينية بدأت تمسك زمام الأمور وتدير المعركة ضد المحتل من الخليل حتى جنين وداخل المناطق المحتلة عام 1948، بكل قوة حتى أصبحت عمليات المقاومة روتينًا شبه يومي وهي في تصاعد من حيث عدد العمليات ونوعيتها.
المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة بقيادة كتائب عز الدين القسام بدأت بالتحضير لهذا الوضع بشكل منظم حسب اعتقادي وملاحظاتي في أعقاب معركة العصف المأكول عام 2014 ، ولكن دعوات القسام ونداءاته إلى الضفة الغربية وضرورة المشاركة بشكل مكثف في مقارعة الاحتلال بدأت تؤتي أكلها بعد الانتصار الساحق لكتائب القسام وباقي الفصائل في معركة سيف القدس، إذ إن معركة العصف المأكول أكدت للشعب الفلسطيني أن لديه من هو قادر على الانتقام له ولكن معركة سيف القدس زادته تأكيدًا بأن المقاومة في قطاع غزة قادرة على الانتصار له بل وحمايته مثلما انتصرت للقدس ولحي الشيخ جراح ومنعت العدو الإسرائيلي ومحاكمه من تنفيذ جرائمهم ضد المقدسيين.
اقرأ أيضًا: انتصرت حماس في معركة الوعي
اقرأ أيضًا: مبدأ الشراكة هو الحل
الآن وبسبب تأثير العصف المأكول ومعركة سيف القدس على معنويات الفلسطينيين في كل أنحاء العالم بدأت الضفة الغربية تتحول إلى حاضنة حقيقية للمقاومة الفلسطينية وخاصة بعد فشل مسار التسوية فشلًا ذريعًا، وبعد وصول الأكثر تطرفًا وإرهابًا إلى سدة الحكم في دولة الاحتلال، نلاحظ أن من ينفذون العمليات ليسوا من المعدمين واليائسين من الحياة بل من أفضل الناس ومن الأغنياء ومن العاملين، ولكن شعبنا الفلسطيني أصبح يتوق إلى التحرر والحياة الكريمة الخالية من المحتلين والمستوطنين الذين يعيثون فسادًا في الضفة الغربية ويدنسون المقدسات، فضلًا عن تهديداتهم الغبية بطرد الفلسطينيين وتدمير مقدساتهم وكأنهم قادرون على الصمود على هذه الأرض وكأنهم لا يعلمون أن زوالهم قد آن أوانه.
ما يقوم به المستوطنون وجنود جيش الاحتلال من أعمال تخريب وتدنيس ومهاجمة قرى ما هو إلا دليل فشلهم على مواجهة المقاومة الفلسطينية، إذ لم تعد غزة ميدانًا آمنًا للقتال، بل ولم تعد جنين ونابلس كذلك، وهنا لا بد من التأكيد أن مساندة قطاع غزة للمقاومة في الضفة لا يعني مشاركة المقاومة في إطلاق الصواريخ عند كل حادث بل مجرد وجودها وتخويفها للعدو من التمادي في جرائمه هو مساندة عظيمة، إذ إن جيش الاحتلال لا يقوم بأي خطوة ضد الفلسطينيين إلا ويحسب حساب المقاومة في غزة وخاصة كتائب عز الدين القسام التي أذاقته الويلات وما زالت تحتفظ بجنود له عندها.