انتصرت حركة حماس في معركة الوعي الوطني على مستويات عدة إن لم يكن على جميعها ورسخت الاصطفاف الوطني خلف مشروع المقاومة ورسمت صورة مشرقة من اللُّحمة الوطنية وجسّدت فيها المعنى الحقيقي للتوحد، رغم آلام الحصار الظالم فكانت مسيرات الآلاف في مدن غزة تنادي وتدعو لرفع الحصار عن غزة و تدعو الأمناء العامين المجتمعين في القاهرة للدفع بخطة وطنية شاملة للوحدة، ففي الوقت الذي كانت تعاني غزة فيه ضائقة اقتصادية وتراجع الدعم المالي وعدم مقدرتها على تشغيل مولد الكهرباء الرابع للتخفيف على الناس في ظل ارتفاع الحرارة، أثير كثير من الجدل والنقاش عبر وسائل التواصل الاجتماعي عن أزمة الكهرباء وكأن بعض النشطاء يتجاهلون أو يتناسون مَن الجهة الحقيقية التي تقف خلف حصار غزة و تعزيز أزماته، وبحسب مصادر إعلامية فإن ثمانية مشاريع إستراتيجية لحل أزمة كهرباء غزة عطلتها السلطة منها عرقلة مشروع إمداد محطة توليد الكهرباء بـخط غاز، كانت إحدى الدول الصديقة للشعب الفلسطيني قد تعهدت بدفع 25 مليون دولار لإنشائه، وهو من شأنه أن يزيد قدرة المحطة لـ160 ميجا وات، ويقلل 3 أضعاف من سعر السولار الذي يشترى للمحطة، و نذكر أيضًا اقتراحًا من مبعوث الأمم المتحدة السابق نيكولاي مالدينوف، وهو ربط غزة بخط 161، وهو خط كهرباء قديم كانت تغذى فيه المستوطنات، وبإمكانه مد القطاع بمئة ميجا وات.
ومع ذلك فإن الجدير بالملاحظة أن السلطة أصرت على رفض المشروع في البداية وعرقلته لعدة سنوات، بذريعة خشيتها خصم فواتير الخط من المقاصة، وضربت بعرض الحائط كل التعهدات في أثناء المفاوضات التي جرت بين سلطة الطاقة بغزة والضفة بوساطات عدة.
اقرأ أيضًا: هل كنّا نفتش عن مصالحة في العلمين؟
اقرأ أيضًا: لمى خاطر تكتب: ما غاب عن اجتماع الأمناء العامين
وفي مواجهة هذه الحقائق والمتسبب الحقيقي تتواصل اتصالات حركة حماس مع الدول الداعمة والمساندة لها من أجل التخفيف عن المواطن في غزة.
تعاملت حماس رغم الأوضاع المادية الصعبة بذكاء وحولت كثيرًا من التهديدات إلى فرصة، وقد خرجت مسيرات دعمًا للمقاومة ضد الاحتلال ورفضًا للحصار الظالم المستمر ضد أهالي غزة، ونجحت حماس في صورة ناصعة بإنشاء قاعدة شعبية صلبة تعكس مدى متانة ورسوخ الجبهة الداخلية في قطاع غزة.
انتصرت حماس بوعيها لتثبت ذروة نضجها الوطني وأوصلت صورة للداعمين لها بضرورة التحرك لدعم غزة سواء على مستوى قطاع الطاقة وتشغيل المولد الرابع أو مساندة الحكومة في رواتب موظفيها.
وإن دل هذا على شيء فعلى وعي حركة حماس لحقيقة الأمر بالمعنى الدقيق المفهوم رغم العوامل المتداخلة في بعضها والجهات التي تحاصر وتدعم استمرار أزمات غزة في تقاطع أهداف بين الاحتلال وجنوده، المسيرات الكبيرة التي خرجت في قطاع غزة دعمًا للمقاومة ودعوة القيادة المجتمعة في العلمين الجديدة بمصر إلى الوحدة وأن يدفع اجتماع الأمناء العامين في هذا الاتجاه هذه الإشارات تؤكد مدى ثقة الجماهير بالمقاومة فكرةً ومنهجًا وإستراتيجيةً للوحدة والتحرير وتصحيح المسار.