تمر الساعات ثقيلة على عائلة الأسير رائد بدوان، والأخبار تتناهى إلى مسامعهم عن تدهور وضعه الصحي من سيء إلى أسوأ دون أن يتمكنوا من زيارته، لتزيد همًّا إلى همومهم الثقيلة منذ لحظة اعتقاله، وهو مصاب، وما زالت عدة رصاصات مستقرة في جسده، ومنذ ذلك الوقت وهو يعاني الإهمال الطبي في سجون الاحتلال.
وتعود معاناة الأسير المقدسي بدوان (59عاماً) لعام 2015م (من قرية بدو قضاء القدس المحتلة)، حينما اعتقلته قوات الاحتلال الإسرائيلي بعدما أمطرت جسده برصاص حقدها، لتستقر فيه قرابة عشر رصاصات، ستٌ منها لا تزال تسكن جسده الهزيل، وتسبب له آلاماً لا تُطاق.
وعلى الرغم من وضعه الصحي الصعب، إلا أن سلطات الاحتلال حكمت عليه بالسجن 18 عاماً، وغرامة مقدارها نصف مليون شيقل، وفق ما يبين أحد أبنائه أحمد بدوان لـ "فلسطين": "صُدمنا بهذا الحكم الكبير على والدي المصاب والكبير في السن، لكنه احتلال ظالمٌ لا يعرف الرحمة، لقد خضع لـ 56 جلسة محاكمة رغم خطورة وقسوة وضعه الصحي".
الإهمال الطبي
فقد غرست أنياب الإهمال الطبي نفسها في جسد الأسير بدوان منذ اللحظة الأولى لاعتقاله، لم يتلقَ سوى العلاج الذي يفرضه وضعه الصحي، "اكتفوا بإخراج بعض الرصاصات، لم يمكث في المشفى سوى قرابة الأسبوع، ثم نقلوه للزنازين".
اقرأ أيضًا: توتر في سجن "النقب" بعد تدهور على صحة الأسير الجريح رائد بدوان
"ومنذ نقله للزنازين التي لا تتلاءم الأوضاع المعيشية فيها مع الأسرى الأصحاء، فكثيرون منهم أصيبوا بأمراضٍ بسبب سوء الأوضاع فيها، وحالته الصحية من تدهورٍ لآخر، ومع مرور الوقت وكبر السن فإن آلام والدي تتضاعف"، يقول بدوان.
ولم تترك الأسرة باباً إلا طرقته في محاولة الضغط على الاحتلال للإفراج عنه أو على الأقل توفير الرعاية الصحية المناسبة له لكن دون جدوى، لكنه كغيره من الأسرى المرضى يقاسون الإهمال الطبي.
ويضيف بدوان: "مهما كان الألم الذي يقاسيه الأسير فإنه لا يجد سوى مسكن الأكامول في استهتارٍ كبير بإنسانيته، واستخفافٍ بآلامه، فلا هم يعالجونه ولا يسمحون لأسرته بأن تعالجه على نفقتها الخاصة".
اقرأ أيضًا: الاحتلال يتجاهل الحالة الصحية للأسير الجريح بدوان
ويشير إلى أن والده يعاني آلاماً شديدة في يده وكتفه وقدميه، "حتى أنه يقضي وقت الزيارة في رفع ووضع السماعة (يفصل الاحتلال بين الأسرى وذويهم بحاجز زجاجي أثناء الزيارة ويتواصلون عبر سماعة الهاتف) لبعض الوقت حتى يريح يده، فبالكاد نتحدث معه قليلاً".
وإلى جانب معاناته من الرصاص المستقر في جسده، يعاني بدوان أيضاً مرض السكري، وارتفاع ضغط الدم، ما يجعل جسده النحيل يمر بنوبات من الآلام الحادة والأوجاع التي لا تحتمل، لكنه يحاول التحامل على آلامه في كل زيارة تقوم بها زوجته وأبناؤه له.
والأسير بدوان أبٌ لتسعة أبناء، وعلى الرغم من أنه لم يتركهم وهم صغار إلا أن فقدان "عمود البيت" والقلق الذي يعيشونه في كل لحظة على حياته، وتعلق بناته به، وشوق أحفاده لرؤية جدهم جعلت كل مناسبة فرح تمر كئيبة على بيت العائلة.
مماطلة
أما زوجة الأسير خولة بدوان فيمر الوقت عليها بطيئاً منذ أن تناهت إلى مسامعها أخبارٌ عن وجود حراكٍ للأسرى في سجن "النقب" للضغط على الاحتلال لتقديم العلاج لزوجها الذي تشهد صحته تدهوراً كبيراً.
وتضيف: "حاول أبنائي إخفاء الخبر عني خشية على صحتي، لكنني علمتُ بالأمر من وسائل الإعلام، ومنذ تلك اللحظة ونحن نعايش قلقاً لا يعلمه إلا الله، في ظل عدم إعادته للزنزانة، وعدم وجود أي معلومات عن وضعه حاليًّا".
اقرأ أيضًا: تدهور صحة الأسير المسن "بدوان" يثير توتراً في "سجن النقب"
وتتابع: "ليس هناك حاليًّا أي مواعيد لزيارته، كما أن نادي الأسير أفاد بأنه بعد أن نقل للعلاج بعد تحرك الأسرى فإنه لم يعد لزنزانته، لا نعلم ماذا فعلوا به؟ وهل تحسنت صحته أم تدهورت؟
وكان "نادي الأسير" قد أكّد أنّ حالة من التوتر يشهدها سجن (النقب الصحراوي) منذ ليلة الثامن من هذا الشهر، بعد تدهور طرأ على الوضع الصحيّ للأسير الجريح بدوان، حيث تماطل إدارة السجن في نقله للعيادة الطبية لتلقي العلاج.
وعلى أثر ذلك بدأ الأسرى بالتكبير، إلى أن نُقل لاحقًا للعيادة بعد استمرار الاحتجاجات، ولفت إلى أنّه وحتّى اللحظة لم يتم إعادته إلى القسم الذي يقبع فيه، وهو قسم (4)، ولا تتوفر معلومات واضحة عن وضعه الصحيّ.