بعد مرور عشرة أعوام على إطلاق دولة الاحتلال لإستراتيجية "المعركة بين الحروب" التي استهدفت تنفيذ هجمات في العديد من دول المنطقة، لا سيما إيران ولبنان وسوريا، فقد شكلت أبرز نشاط هجومي لجيش الاحتلال في العقد الماضي، وما بدأ في عام 2013 كعمليات عسكرية لمرة واحدة لتحقيق غرض محدود، فقد تطورت إلى حملة واسعة النطاق في مختلف القطاعات، وبات لها أهمية إستراتيجية بعيدة المدى.
اليوم بعد عقد من هذه الحملة العسكرية العدوانية، ونظرًا للتغيرات المهمة في المنطقة، فإن التفكير الإسرائيلي المتجدد والحديث بات مطلوبًا بشأن فائدتها، وتأثيرها على الوضع الإقليمي لدولة الاحتلال، كون هذه الحملة باتت تمثل خطرًا لنشوب مزيد من الصراعات متعددة الجوانب، مع تراجع استعداد جيش الاحتلال لمثل هذا الصراع، مما يستدعي مزيدًا من البحث في مفهوم هذه الحملة، ومراحلها المختلفة، وإنجازاتها، وتطورها في مسارها، فضلًا عن فحص التغييرات المهمة التي حدثت في الساحتين الإقليمية والعالمية منذ 2013.
صحيح أن السياسة العسكرية الإسرائيلية المسماة "المعركة بين الحروب" تقدم حلًا جزئيًّا لما تشكله القوى المعادية من تهديد على دولة الاحتلال، لكنها في الوقت ذاته لا تساهم بالضرورة في استعداد الجيش لمواجهتها، مما يستدعي من وجهة النظر الإسرائيلية التوصية بتغيير وتصميم طرق أخرى للعمل لتحقيق أهدافه في سوريا ولبنان، وإعداد الجيش لصراع متعدد الأوجه، والعمل على إنشاء تحالفات إقليمية وعالمية تكون بمثابة ثقل موازن للقوى الصاعدة، والتصدي للمحور المعادي الذي يوطد علاقته بروسيا والصين.
اقرأ أيضًا: من جديد.. غالانت في عين العاصفة الإسرائيلية
اقرأ أيضًا: علاقات مريبة بين اليمين الإسرائيلي واليمين الأوروبي!
مع أن ما بدأ على شكل بضع هجمات اسرائيلية عدوانية هادفة تهدف لمنع نقل أسلحة متطورة إلى حزب الله، فقد تطورت على مر السنين لتتحول إلى حملة مستمرة ومكثفة في سوريا وخارجها، وأصبحت بؤرة مركزية للنشاط والاهتمام في جيش الاحتلال، الذي بات يواجه مزيدًا من الصعوبات والتحديات خلال السنوات العشر الماضية.
لا يخفي الاحتلال أن بنك أهدافه من خلال "معركته بين الحروب" تمثلت في منع جملة من أنواع الأسلحة من التنقل بين عواصم المنطقة، لأن من شأنها كسر التوازن مع الاحتلال، وهو خط أحمر يصعب عليه استيعاب اجتياز أي قوة له.
الخلاصة الإسرائيلية أن إستراتيجية "المعركة بين الحروب" التي سعت لتحقيق جملة أهداف، أولها منع الوجود العسكري الإيراني في سوريا، وثانيها إعاقة وصول الأسلحة المتطورة من إيران لحزب الله، وقد تواصلت بسبب عدم استقبال ردود فعل حقيقية من الجهات التي تمت مهاجمتها، سواء إيران أم سوريا أم حزب الله، مقابل ما واجهته هذه السياسة من مخاطر: أولها الوجود الروسي في سوريا، وثانيها تغيير السياسة الدفاعية السورية التي بدأت تردّ على القصف الإسرائيلي، وثالثها التمركز الإيراني في الجبهة الشمالية.