في جلّ البلاد العربية يعتقلون المعارضة، وحين يعتقلونها ينسبون لها أفعالًا إجرامية، ولا يقرّون بالأسباب السياسية التي تقف خلف قرار الاعتقال. يمكننا أن نضرب أمثلة من كل بلد، ولكن قضيتنا في الأراضي المحتلة ليست مع البلاد العربية، بل هي داخلية مع السلطة وأجهزتها وحزبها الداعم لها.
بيان فتح الأخير يهاجم قوى فلسطينية ويتهمها بالعمل حسب أجندات خارجية، ومنها الأجندة الفارسية، وعليه يكون هذا البيان شديد اللهجة هو ردّ على بيان للجهاد الإسلامي، وهنا لا يقرّ بيان فتح بأن اعتقال مسؤول كتيبة جنين ورفاقه على أنه اعتقال سياسي، ويقول هو اعتقال جنائي يقوم على خلفية حرق جزء من مركز شرطة جبع، وأن كل من يعمل على إضعاف السلطة سيواجَه بيد قوية.
حسنا، أنا لا أملك معلومات محررة حول الروايتين، ولكني أعلم أن هذا جاء بعد العدوان على جنين، وبعد تهم وجهها الجمهور لأجهزة أمن السلطة في الضفة، وأهل مكة أدرى بشعابها وأهل جنين هم الذين يملكون القول الفصل في الروايات. ومما يقولونه إنهم لم يتلقوا حماية من السلطة، ولا من أجهزتها الأمنية في أثناء العدوان على جنين، وهذه والله أعلم حقيقة لا يتنازع فيها اثنان، ولها عند السلطة أسباب، ولكن مجتمع فلسطين لا يوافق على هذه الأسباب.
اقرأ أيضًا: جنين وضرورة معركة الإعلام
اقرأ أيضًا: "ياعيب الشّوم"… ماذا يعني منع سُلطة الاحتلال "الكابينت" الانهيار للسلطة الفلسطينية؟
المهم أن البيانات لا تثبت حقيقة ولا تنفي حقيقة، وما يثبت أو ينفي هو الواقع والميدان، والبيانات إن لم تكن دقيقة وصادقة زادت فرص اشتعال النار، وقرّبت من الانفجار، لذا لا بدّ من سرعة تدارك الأمور، والعمل بحكمة، وأولها وقف حرب البيانات وفرد العضلات، واحترام شهداء جنين ومجتمع جنين المجروح.
حكومة الاحتلال تعمل على تعزيز النزاع والاقتتال الداخلي، لأن في الاقتتال الداخلي مصالح لها، لا يحققها العدوان ولا الهجمات المباغتة، ومن علم بما تريده حكومة الاحتلال يجدر به أن يفوت عليها ما تريد، وأن يعمل على إحباط خططها، وثمة طابور خامس يتغذى على النزاعات والصراعات لأنه مرتبط بالاحتلال بمصالح أو بتنسيق، وهذا يستوجب الحذر وقطع الطريق عليه، وجنين تستحق ما هو أفضل. ولا تنازعوا فتفشلوا. إن مشهد المسيرة العسكرية الشعبية في مخيم جنين وهي تهتف ضد الاحتلال وتطلب من الأجهزة الأمنية أن تمتنع عن اعتقال المقاومين، وأن تطلق سراح المعتقلين منهم، تكشف أن شرار حريق قد تكون حريقًا لا سمح الله، لذا وجب النصح والتنبيه.