كثيرة هي الملفات التي وضعت دولة الاحتلال بين قطبي الرحى بين الولايات المتحدة والصين، ومن بينها علاقاتها مع تايوان، الجزيرة المهددة في شرق آسيا، التي شكلت واحدة من أهم عوامل التوترات المتزايدة بين بكين وواشنطن، لا سيما عقب زيارة رئيسة مجلس النواب نانسي بيلوسي إليها، وإطلاق صواريخ فوق تايوان سقطت في المياه الاقتصادية لليابان، وزيارة وزير الخارجية أنطوني بلينكين غير الناجحة للصين، بجانب دعم الصين لحرب روسيا في أوكرانيا، ومحاولتها الالتفاف على العقوبات الأمريكية على إيران.
بات واضحًا أن دولة الاحتلال تجد نفسها في زحمة الخلاف الصيني الأمريكي حول تايوان، وقد عقدت اجتماعات متعمقة مع كبار المسؤولين في الجيش ووزارتي الخارجية والدفاع في الجزيرة، من حيث إظهار الاستعداد لمواجهة التهديد الصيني، وإعداد الجيش، بما فيه تغيير نموذج الخدمة العسكرية، والانتقال إلى إلزامي، وبناء نظام احتياطي، وتوجيهات تعزيز وبناء القوة، والأهم هو تقوية علاقاتهما في مختلف القضايا، بما فيها الأمنية والعسكرية.
وإذا وصلت المواجهة المتوقعة بين الصين والولايات المتحدة لمرحلة قوية وحاسمة، فليس لدى الاحتلال مجال للمرونة إلا بتعزيز العلاقات مع تايوان، مما يرسل إشارات إيجابية لواشنطن، رغم تزامنها مع إعلان نتنياهو عن زيارته للصين، والحذر أن تنقل أي رسالة تحدّ للحليف الأهمّ، ولعل لنتنياهو يستخدم الزيارة لتحسين العلاقات معها، بالتوضيح لمضيفيه في بكين، سرًّا وعلانية، مواقفه من مخاوف الولايات المتحدة.
مع العلم أن مصادر القلق الإسرائيلية من السياسة الصينية تتمثل بنشوء مثلث إيران وروسيا والصين، وتدفئة علاقات إيران والسعودية بوساطة الصين التي وقعت اتفاقية بأربعمائة مليار دولار في الاقتصاد الإيراني، مقابل النفط وتوثيق التعاون العسكري، مع أن الأموال ستتدفق ستسمح لإيران بالوصول للتقنيات الحساسة والمتقدمة، وستساعد بإنشاء صناعة الدفاع، ودعم برامج تطوير الأسلحة التقليدية والنووية، كما أن الأموال الصينية ستصل لدعم الحرس الثوري وحزب الله وحماس، وفق المزاعم الاسرائيلية.
كما أن البيانات والمعطيات تشير بوضوح أن الصين ليست صديقة لدولة الاحتلال، وربما حان الوقت لتغيير علاقتها مع تايوان، لأن الوضع أكثر خطورة على الولايات المتحدة، وإذا تصرفت بالحذر اللازم، فقد ينفتح سوق للصناعة الإسرائيلية الغنية بالموارد، أما من يدّعون أن الانفصال عن الصين لن يكون سهلًا، فإنهم يعتبرون أن الاحتلال سيخاطر باستثمارات بعشرات مليارات الدولارات، في ضوء دراسة الانخفاض الكبير في استثمارات الصين في السنوات الأخيرة.
أيام قليلة، وتتم زيارة نتنياهو الى الصين، وحينها ستخرج مواقفهما المشتركة، وقبلهما الموقف الأمريكي، وأثره على التوتر المتعلق بتايوان، باعتبارها مركز الصراع بين بكين وواشنطن، فيما تبحث تل أبيب عن مكانها الصحيح من التاريخ!