فلسطين أون لاين

ضمير غائب تجاه غزة وحاضر في جنين

كتب المراسل العسكري الإسرائيلي تل ليف رام لصحيفة معاريف مقالًا ختمه بالتالي: "لا مجال للمبالغة الزائدة بالنسبة لإنجازات الحملة العسكرية على جنين " وأثرها على كبح ميول (ما زعم أنه) الإرهاب المتعاظم في السنة والنصف الأخيرتين، التي على أي حال لن تكبح على ما يبدو باستخدام القوة العسكرية فقط.

باعتقادي لم يعد هناك من قادة العدو وغيرهم من يبالغ في إنجازات العدوان العسكري، حيث أن الغالبية تميل إلى الاعتراف بفشل العدوان، ولكن ما يعنينا هو وصول العدو الإسرائيلي إلى نتيجة مفادها إن استخدام القوة العسكرية فقط لن يكبح العمل المقاوم والمتعاظم الذي وصفه بـ"الإرهاب".

العدو الإسرائيلي يقول إنه وضع خطة لمنع انهيار السلطة ودعم رئيسها محمود عباس، والحقيقة هو أن (إسرائيل) تريد استخدام الجزرة مع الشعب الفلسطيني بعدما أيقنت أن العصا ارتدت عليها بكل قوة، (إسرائيل) تفكر في إنشاء منطقة صناعية في ترقوميا، والإفراج عن أموال الضرائب الفلسطينية و"تسهيلات" أخرى كلها تهدف إلى تحسين أوضاع الفلسطينيين في الضفة الغربية، فالهدف من تلك "التسهيلات" هو امتصاص الغضب الشعبي قدر الإمكان، وحماية أمن الاحتلال بخفض عمليات المقاومة، ولكن تلك "التسهيلات" لن تكون حلًا ناجعًا لخفض مستوى المقاومة أو السيطرة على الشارع الفلسطيني لأن ثورة شعبنا ليست ثورة جياع بل هي ثورة أحرار، ثورة ضد الاحتلال الاسرائيلي ذاته وما ينتج عنه من جرائم خطيرة مثل: تدنيس المقدسات، والاستيطان، وحصار أهلنا في قطاع غزة، واستباحة الدم الفلسطيني، والعربدة غير المسبوقة للمستوطنين في الضفة وغير ذلك من جرائم تراكم الغضب الفلسطيني وتضاعفه، ما يؤدي إلى الانفجار في وجه الاحتلال على شكل انتفاضات وهبّات وموجات من العمليات المتنوعة.

اقرأ أيضًا: غِلاف جنين على خُطى غلاف غزة

اقرأ أيضًا: جنين زرع الأجداد وفعل الأحفاد

(إسرائيل) تصنف المناطق الفلسطينية " أ و ب و ج"، والآن تريد أن تصنف المناطق حسب درجة سخونتها وتتعامل معها بناء على ذلك، فالمناطق الهادئة ستحظى بـ"تسهيلاتها الكاذبة" والمناطق الأخرى ستُعاقبها، ولأن القوة العسكرية فشلت فقد تلجأ إلى أسلوب الحصار والتضييق على أهالي مناطق مثل جنين، ونابلس بأشكال متعددة، سواء بإقامة الحواجز الدائمة أو التفكير ببناء أسوار اضافية وقد طرح بناء سور  قبل أشهر حول مدينة جنين أو منطقة معيَّنة فيها، وخلاصة القول في هذا الأمر إن (إسرائيل) تستهدف الكل الفلسطيني بجرائمها، ووعودها كاذبة لا يصدقها إلا غبي والفشل سيرافقها حتى خروج آخر إسرائيلي من فلسطين. 

الولايات المتحدة الأمريكية تشارك العدو الإسرائيلي القناعة بأن الحل العسكري غير ممكن في التعامل مع المقاومة الفلسطينية دون أن تعترف بذلك، وبالرغم من أنها باركت العدوان الإسرائيلي على جنين فقد قالت المتحدثة باسم البيت الأبيض "من الضروري اتخاذ جميع الخطوات الممكنة لحماية المدنيين الفلسطينيين من الأذى، واتخاذ تدابير لتحسين الوضع الإنساني على الأرض، واستعادة الخدمات الحيوية مثل الكهرباء والمياه للسكان المدنيين".

أختم بالتذكير أن جهات كثيرة كانت تنتظر سحق المقاومة في مخيم جنين وبعد هزيمة الاحتلال أصبحوا  يتدافعون إلى إعادة إعمار المخيم وتحسين الوضع الإنساني فيه على حد زعمهم، ولا ندري ما الذي سيتحقق من وعودهم التي تتلو كل هزيمة للمحتل، وإن كان  ضميرهم حي وحاضر تجاه جنين فلماذا يغيب تجاه غزة المحاصرة، التي تعاني نقص الغذاء والدواء والأجهزة الطبية، فهل يحتاج المجتمع الدولي إلى صدمة جديدة من غزة ليصحو ضميره ويتحرك تجاه أهلها؟