ثمة دعوة من عباس ومصر لعقد اجتماع للأمناء العامين للفصائل الفلسطينية، في القاهرة، نهاية الشهر الجاري، كالعادة سيلبي الأمناء العامون الدعوة، ولن يتخلف أحد منهم عن تلبية الدعوة، لأنهم لا يملكون خيارًا بديلًا، وهذا يثبت ضعف هذا الإطار الذي يتحكم عباس به!
إطار الأمناء العامين كان يستهدف إصلاح منظمة التحرير، كان إطارًا تشاوريًّا برئاسة محمود عباس، الإطار التشاوري لم يحقق الأهداف التي كان قد تشكل من أجلها، فإذا كان هدفه الرئيس هو إصلاح منظمة التحرير، فهذا الإصلاح لم يتحقق ولن يتحقق، لأن عباس يرفض إصلاحها بحسب مقترحات حماس وغيرها، وأميركا ترفض إصلاحها وإدخال حماس إليها.
أميركا تنظر لمنظمة التحرير بأنها الجهة التي عقدت اتفاقية أوسلو مع (إسرائيل)، وحماس ترفض الاتفاقية، ودخولها إلى منظمة التحرير يهدد بقاء الاتفاقية، وعليه فلا جدوى من الحديث المتكرر في هذه المسألة.
اقرأ أيضًا: ما من صيغة سياسية صهيونية يمكن أن تفيد الفلسطينيين
اقرأ أيضًا: إذا تحرك الفلسطينيون، حركوا المياه الراكدة
أميركا تريد استبقاء سيطرة فتح على المنظمة، وعباس يريد استبقاء سيطرته وسيطرة فتح عليها، وفتح تحتكر هذه السيطرة بملكية التاريخ والوراثة، وعليه فإن الأطراف الثلاثة المذكورة تتماهى سياساتها على عدم الإصلاح، ويمكننا أن نضيف إلى الأطراف الثلاثة طرفًا رابعًا، هو الدول المؤثرة في الجامعة العربية.
لقد نشأت منظمة التحرير بقرار من الجامعة، وإصلاحها يحتاج لقرار منها أيضا، وجل دول الجامعة المؤثرة ترفض دخول حماس إليها، المحصلة في النهاية لا إصلاح، وعليه يمكن التحايل على قضية الإصلاح بالإطار التشاوري للأمناء العامين، وهو إطار قراراته وتوصياته غير ملزمة، وهو ليس بديلًا عن المنظمة.
الكرة في ملعب قادة الفصائل المطالبة بالإصلاح، أنتم تعلمون أنه لا إصلاح وإن كررتم مطالبكم، وإن كان الإصلاح مطلبًا وطنيًّا، وإن كان ممثلًا للأغلبية، فإما أن تقبلوا بهذا الإطار التشاوري الفضفاض، وإما أن تتخلوا عن هذا الإطار، لأنه لا جدوى منه لكم ولجمهوركم، وهو أيضًا يساعد على تكريس سلطة عباس ومنع الإصلاح.
عباس دعاكم إلى الاجتماع الحالي في أثناء اقتحام العدو لمخيم جنين، وظاهر الدعوة أنها بدافع المدارسة الوطنية للعدوان، ولكن تصريحات رسمية صدرت عن العدو أن الهجوم على جنين تم تنسيقه مع السلطة الفلسطينية، وأن حكومة الاحتلال تريد أن تكافئ السلطة بتعزيز سلطتها في جنين ونابلس، ومن ثم ناقشت حكومة نتنياهو أمس الأحد حزمة مساعدات للسلطة، هذه هي الصورة التي تغطي السطح، وما خفي أعظم، فما جدوى اجتماع الأمناء العامين في هذا الطقس البارد المضطرب، ودماء الشهداء في جنين تحكي العدوان، ومعانيَ أخرى تعرفونها!