بعد الشعور المتوهم الذي رافق رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو بشأن تعزز مواقعه الحزبية عقب العدوان الأخير على غزة، فقد عادت من جديد أزمة الائتلاف اليميني الفاشي الحاكم، لا سيما بعد المظاهرات الواسعة التي اجتاحت مدن فلسطين المحتلة السبت الأخير للأسبوع العشرين على التوالي، رغم توقفها سبتًا واحدًا تزامن مع انطلاق العدوان.
آخر الأزمات الحكومية تمثلت في الخلاف الناشب بين مكوناتها حول الميزانية العامة لدولة الاحتلال، لأنه إذا لم يتم حلّ هذه الأزمة التي تواجه الائتلاف، فإن مستقبل هذا التحالف سيكون في خطر، مما يدفع مختلف الفرقاء للموافقة عليها، وإقرارها، رغم ما بينهم من خلافات متزايدة، دون أن يضمن ذلك إقرارها بالسهولة المأمولة.
مع العلم أن المفاوضات الائتلافية الحكومية ما زالت مستمرة حتى اللحظة الأخيرة بانتظار أسبوع مصيري، لأن الكنيست يتوقع أن يصوّت على ميزانية الدولة لعامي 2023-2024، قبل أيام قليلة من الموعد النهائي نهاية هذا الشهر، في حين أن نتنياهو لم يحلّ بعد الأزمة مع شركائه في العصبة اليهودية والصهيونية الدينية، مع التقدير السائد في أوساط التحالف الحكومي أن محاولات التفاوض ستستمر حتى اللحظة الأخيرة، مع تطلعات غير مضمونة بأن تتم الموافقة عليها بشكل نهائي بأغلبية الأصوات.
تجدر الإشارة أن الموعد النهائي للموافقة على الميزانية هو 29 مايو، أي بعد أسبوع كامل، وإذا لم تتم الموافقة عليها بحلول ذلك الوقت، فسيتم حلّ الكنيست تحضيرا للانتخابات بصورة تلقائية، ولذلك قرر التحالف إجراء التصويت هذا الأسبوع حتى لا يصل إلى اللحظة الأخيرة في حالة حدوث أزمات، وبعد أن افتتحت المداولات في الجلسة الكاملة صباح أمس الاثنين، فإنه بحسب التقديرات سيجري التصويت النهائي غدا الأربعاء، رغم استمرار تهديد عدد من الشركاء الحكوميين بعدم دعم الميزانية، لاعتبارات تخصّ كلاً منهم على حدة.
وفي حين يطالب حزب "أغودات يسرائيل" الديني بنصف مليار شيكل إضافي للتعليم الأرثوذكسي المتطرف، فإن وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير يطالب بميزانيات إضافية لوزارة الإسكان لتوسيع رقعة تهويد النقب والجليل، فيما يهدد عضو الكنيست الحاخام آفي ماعوز بأنه سيصوت ضد الميزانية إذا لم تتم الموافقة على متطلباته المالية لتعزيز ما تسمى "هيئة الهوية القومية اليهودية".
كل هذه الاشتراطات تزيد التوقعات بأن يستقيل أي من مكونات الائتلاف إذا لم يتم حلّ الأزمة، مما يعني التصويت ضد الميزانية، وتهديد سلامة الائتلاف الحكومي، صحيح أن له مصلحة في استمرار صلاحيته حتى إتمام سنواته الأربع، لكن ما يمارسه شركاؤه على بعضهم البعض من ابتزاز مكشوف يفسح المجال لإمكانية استقالة أحد الوزراء، وهي فرضية ما زالت مطروحة على جدول الأعمال.