فلسطين أون لاين

تقرير عزام أبو السعود.. حرفي ماهر متعدد المواهب في عمر الـ75

...
القدس المحتلة - غزة/ هدى الدلو:

 

بأدوات فنية بسيطة يجتهد المقدسي عزام أبو السعود لإحياء حرف تراثية في مدينته المقدسة كالخشب المزخرف والخشب المعشق والزجاج الملون والتي تعود غالبيتها إلى العصر المملوكي. ورغم اكتشافه موهبته مبكرًا من خلال مرافقته لخاله إلا أنه لم يمارسها إلا بعد تقاعده.

ففي مشغله بجوار بيته في حي راس العامود والذي بات أشبه بمتحف أثري ينبض بالفن الإسلامي ينشغل عزام منذ 12 عامًا بمحاكاته نوافذ المسجد الأقصى.

فن مغري

قضى الرجل البالغ من العمر (75 عامًا) طفولته في باحات المسجد الأقصى إلى أن انتقل من البلدة القديمة إلى بلدة بيت حنينا، وهناك تعلم في مدارس القدس ثم انتقل إلى جامعة القاهرة ومنها نال شهادة بكالوريوس في التجارة عام 1971، ولاحقا الماجستير إدارة المؤسسات من الولايات المتحدة.

في الرابعة عشرة من عمره كان يقضي غالبية وقته في باحات الأقصى، وفي ذلك الوقت كان هناك لجان تعمل على ترميم قبة الصخرة المشرفة والنوافذ التالفة والعمل على تجديدها.

يقول لصحيفة "فلسطين": "العمل الذي يقومون به كان مغريًا وملفتًا بالنسبة لي، فلم أتركهم وأنا أطوف حولهم في الحرم وأراقب عملهم، بالإضافة إلى أني كانت مرافقًا دائمًا لخالي الذي يحفر على الخشب ويجلب رسومات جاهزة من بيروت للفنانين، فتعلمت منه ذلك الفن ولم أمارسه في ذلك الوقت".

خلال عمله المهني تنقل المسن المقدسي ما بين إدارة شركات خاصة به، وإدارة دائرة العطاءات في جامعة بيرزيت، ومن ثم الغرفة التجارية في مدينة القدس إلى أن قرر التقاعد وترك كل المناصب الفخرية والتطوعية والتفرغ لهوايته بالعمل بفن الأرابيسك وتطوير النوافذ العربية والمشربيات في مدينة القدس.

ويضيف أبو السعود: "عند التقاعد عام 2013 كانت لدي فكرة عامة عن المتقاعدين وتضييع أوقاتهم بالجلوس في المقاهي، فقررت شراء بعض الأدوات والمعدات البسيطة وممارسة هوايتي القديمة، وقبل البدء فيها كانت قد قادتني للاطلاع على تاريخ الزخارف الإسلامية ومصادرها وبداياتها وكيف وصلت إلى هذا الشكل وكيف تطورت تاريخيًا؟"

وقد درس الفنون الزخرفية في العالم بشكل شخصي وتطورها وسبب تسميتها أرابيسك عند العرب كونها كانت موجودة في العهد الإغريقي واليوناني والروماني والبيزنطي، ولكن كان للعرب إضافات كثيرة زخرفية كونه جمع أكثر من عمل مع بعض كالمخاريط الخشبية والتوريقات المأخوذة من أوراق الشجر والزهور أو الحفر على الخشب. 

في الماضي كان يغلب فن الأرابيسك على شبابيك وبلكونات المدينة المقدسة وقطع الأثاث في بيوتها التي تجمع بين الخشب المحفور والخشب المعشق والزجاج الملون، بالإضافة إلى الزخارف الهندسية والنباتية التي تشكلت من أوراق الشجر والزهور.

مقاومة التهويد

ومن حي إدراكه للصورة البصرية التي كانت عليها المنازل، عكف المقدسي أبو السعود على ترميم بيته وتحويله إلى متحف يضم مشغولات الأرابيسك التي ينجزها بالحفر على الخشب مستخدمًا في ذلك بعض الآلات ومكن CNN لأجل تنفيذ الحفر وفق التصميم المراد تنفيذه، تليها خطوة تنظيف الخشب وتحضيره وقص الزجاج وتلوينه أو تعشيقه حسب العمل المراد تصميمه، ويحرص على استخدام الألوان الأصلية المستخدمة في التراث كذلك الأشكال الموجودة في المسجد الأقصى أو قبة الصخرة.

ويقارب عمر البيت الذي يسكنه أبو السعود 150 عامًا، منذ نهايات الدولة العثمانية، ولم يستخدم فيه أي نوع من الإسمنت أو الحديد لذلك حافظ على شكله القديم.

ويبين أبو السعود أنه عمل على تجديد الشبابيك مستخدمًا الخشب بدلًا من الألومنيوم رغم التكلفة العالية وأعاد فيها نسق الشبابيك التي كانت موجودة في "الزاوية الفخرية" التي هدمها الاحتلال عام 1968 في السنة التالية لاحتلال القدس، كون هذه الزاوية تطل على حائط البراق واعتقدوا أنها استكمال لحائطهم كما يعتقدوا، ولذلك تم هدمها بالكامل رغم أنها مبانٍ مملوكية بنيت في القرن الثاني عشر.

ويرى أبو السعود أن الهدف مما يقوم به إظهار الجو العربي والإسلامي لمدينة القدس وعراقتها وعروبتها، وإفشال المخطط الإسرائيلي الذي يهدف تهويد البلدة القديمة بشكل عام وإضفاء صبغة يهودية عليها ليشعر الزائر أنه في بلد يهودي، حتى أنهم يعمدون عند استيلائهم على أي بيت رفع العلم الإسرائيلي عليه.

يحلم الرجل الموهوب بأن يعيد من خلال الأعمال الزخرفية الإسلامية التي يصممها إحياء مدينة القدس وإعادة الطابع العربي لها كجزء من مقاومة تهويد شكل المدينة التي يقوم بها الاحتلال، وذلك من خلال عمل نوافذ ومشربيات في أزقة وشوارع البلدة القديمة.

المصدر / فلسطين أون لاين