فلسطين أون لاين

"ثأر الأحرار" يرد "السهم" الإسرائيلي إلى نحره

لليوم الرابع على التوالي، يتواصل العدوان الإسرائيلي على غزة، وسط مخاوف إسرائيلية من أن يتسبب طول أمده بتحول دفّة الإنجاز من الاحتلال إلى المقاومة، التي لا تخفي رغبتها باستنزافه، واستهداف خواصره الضعيفة.

صحيح أن اغتيال فجر الثلاثاء، وما تبعه من تصفيات دامية خلال الأيام الأربعة الأخيرة، شكل إنجازًا إسرائيليًّا على صعيد الثأر والانتقام من قيادات عسكرية وازنة في المقاومة الفلسطينية، لكن ما يصفه بهذا الإنجاز المتوهم واجهه إخفاق فوري من خلال الضربة الافتتاحية التي أعلنتها المقاومة بعد "صمت مدوٍّ" استمر قرابة ثلاثين ساعة. 

في الوقت ذاته، فإن أوساط الاحتلال لديها قناعة متزايدة بأن هذا العدوان لن ينجح بتغيير الوضع جذريًّا في غزة، ولذلك غالبًا ما يُنظر لهذا العدوان على أنه خيار عملي مؤقت، بزعم أن الغرض من هذه الجولات العسكرية هو اقتطاع ثمن من قوى المقاومة في غزة، لكن مشكلة هذه الجولات العسكرية مضاعفة من وجهة نظر الاحتلال، لأنها لا تحقق هدفها الرئيس، وهو الحفاظ على أمن المستوطنين بمرور الوقت.

مع العلم أن الاحتلال لا يمكنه التنبؤ، على الرغم من امتلاكه لمعلومات استخبارية أولية، وما لديه من "بنك أهداف"، بما قد تسفر عنه هذه المواجهة، ولا سيما وأنه يدفع أثمانًا باهظة، إن لم تكن في الخسائر البشرية، ففي الأثمان الأمنية الردعية، وهي أضرار تنجح قوى المقاومة بإلحاقها بالاحتلال، في ضوء ما عاشته من تطور تدريجي في العقود الأخيرة، وتحولها من قوى عصابية إلى أشبه ما تكون بجيوش نظامية، تستمر في التعزيز والاستعداد للقتال ضد الاحتلال، بل وتنسيق القتال المشترك بينها. 

العدوان الحالي ينظر إليه الاحتلال بأنه أحد أشكال المواجهة التي غالبًا ما يُنظر إليها على أنها مفهوم تكتيكي أو عملي، يقوم على منطق العمل العنيف والسريع في أراضي العدو، دون التفكير البتة، على الأقل في هذه المرحلة بالعملية البرية، لأنها تعني التورط في المستنقع الغزّي، وتشكل من وجهة نظر عملياتية مرحلة خطيرة تتعافى فيها المقاومة من الصدمة الأولية، وتسارع لتنظيم نفسها ضد القوات الأرضية، وتحاول مفاجأتها، وإلحاق الضرر بها. 

إن التقييم الإسرائيلي للعدوان الجاري على غزة يأخذ منحنيات جديدة، مفادها أنه لا يمكن وقف المقاومة بالسرعة "المأمولة"، بل إن سباقها مع الزمن، وتوجيه ضربات موجعة للاحتلال، يعني تغييرها لقواعد اللعبة التي سعى الاحتلال إلى وضعها، من خلال إبقائها ممسكة بمراكز القيادة والتحكم ومواقع الإطلاق الأساسية، بدليل وصول صواريخها إلى وسط فلسطين المحتلة.