كان يجب على المقاومة الفلسطينية في غزة أن ترد عسكريًّا على استشهاد البطل خضر عدنان في سجون الاحتلال، لأن عدم الرد يعني التخلي عن الأسرى، والاستسلام لجرائم العدو الإسرائيلي، الذي يتربص بالأسرى والمسرى، فكان أي تهاون في الرد لا يعني إلا نكث العهد، وفقدان الثقة التي تعززت على مدار المواجهات بين المقاومة، وقطاع عريض من الشعب الفلسطيني، لذلك كان الرد باسم غرفة العمليات المشتركة، ولم يكن ردًّا تنظيمًا، فالشهيد خضر عدنان لم يعد يخص حركة الجهاد الإسلامي وحدها، وقد صار عنوانًا للتحدي الفلسطيني، ويافطة للكرامة الوطنية.
انتهت جولة من التصعيد بعد تدخل أكثر من طرف عربي وإقليمي ودولي، وبعد أن أبدى العدو الإسرائيلي انضباطًا في الرد، واستعدادًا للتهدئة، ولو كان للجيش الإسرائيلي قدرة على حسم المعركة، وكسر عنق المقاومة، لما تردد، ولما قبل تدخلًا، لا من وسطاء، ولا من شركا، لذلك كان تدخل الوسطاء تعبيرًا عن حاجة الاحتلال لهذا التدخل، ورغبة من قيادة الجيش والأجهزة الأمنية بعدم التصعيد، رغم التحريض الصريح على التصعيد من قيادات إسرائيلية متعددة، ورغم تهديد بعض الوزراء في الحكومة، ومطالبتهم الجيش بالعودة إلى سياسة الاغتيالات، وعن الرد الخارق.
لقد كشفت جولة التصعيد الأخيرة عن أمرين:
أولًا: التأكيد على وحدة الساحات، فالشهيد خضر عدنان من سكان جنين، شمال الضفة الغربية، ولكن الرد على استشهاده جاء من قطاع غزة، في رسالة إلى العدو الإسرائيلي بأن المقاومة الفلسطينية موحدة خلف هدف واحد، وقد باتت أكثر ثقة بقدراتها، وهي صاحبة الكلمة العليا في بدء التصعيد، وفي تحديد المسافة التي وصلت إليها القذائف، وفي عدد القذائف، لقد أضحت المقاومة الفلسطينية تعرف ما تريد، وتعرف متى تبدأ التصعيد؟ وكيف تعود إلى التهدئة؟
ثانيًا: العدو الإسرائيلي لم يعد كسابق عهده، يبادر إلى الهجوم، ويتأفف عنى وقف إطلاق النار، العدو الإسرائيلي كشف عن ضعفٍ في القرار، وعن ضعف في القدرة على حسم المعركة لصالحه، وفي ذلك تأكيد على أن الكيان الصهيوني قد فقد قوة الردع حقًا -كما يقول الكثير من جنرالات الجيش- وأمسى يحسب للمقاومة الفلسطينية في غزة ألف حساب، بل دللت جملة من الأحداث على عدم جاهزية العدو لأيام طويلة من المواجهات.
جولة الشهيد خضر عدنان التي انتهت بالتهدئة مع رجال المقاومة في غزة، لم تنته على الأرض الفلسطيني، فساحات المواجهة مع العدو الإسرائيلي متعددة، ولن تقف عند حدود المعتقلين الإداريين، ولن تنحصر خلف الزنازين، المعركة مع عدو الشعب الفلسطيني مفتوحة في كل الساحات، وقد أثبتت الأيام أن الشعب الفلسطيني في الضفة الغربية والقدس على قدر المسؤولية، وأنهم يمتلكون القدرة على مفاجأة العدو، وتعديل الموازين القائمة على الأرض لصالح القضية الفلسطينية.
ملحوظة: إذا كان للتحدي على أرض فلسطين عنوان، فإنه يتجسد في شخصية البطل الشهيد خضر عدنان!