فلسطين أون لاين

عدم ثوران البركان لا يعني غياب حممه في الداخل

لا يخفي الإسرائيليون أنهم بحاجة للاستعداد للحرب، بغض النظر عن ساحتها المفترضة، وصولًا للاضطرار إلى مهاجمة إيران، التي تبدو بنظر الاحتلال أكثر ثقة بنفسها، وأبرمت اتفاقيات مع دول عربية، وخففت النيران من حولها، مما يعني أن العالم يبدو مختلفا، والولايات المتحدة لديها مشاكل أكثر تعقيدا من الشرق الأوسط، وينظر العالم للاحتلال بشكل مختلف، وهي المرة الأولى التي تكون فيها أجواء التهديد في الهواء، ويستدعي أنه يستغرق من الاحتلال وقتًا للخروج منه.

يسعى الاحتلال للهروب من الحرب من خلال منع المستوطنين اليهود من اقتحام المسجد الأقصى، رغم أن ذلك يحمل مخاطر بنظرهم مفاده أن من يتخلى عن السيطرة على الحرم يفقد السيطرة في النهاية عليه، وفق مزاعم الاحتلال، رغم أن هناك وجاهة في عدم السماح لهم في العشر الأواخر من رمضان، وعدم إعطاء عذر لدخول حرب دينية.

إن تكرار طرح السؤال عن الحرب القادمة تؤكد أن الوضع الإسرائيلي يتفاقم، وتبدو دولة الاحتلال على منحدر زلق، مع أن عدم ثوران البركان لا يعني عدم وجود حمم بركانية تغلي في الداخل، صحيح أن الهدوء النسبي في الأيام الأخيرة ينظر إليه الإسرائيليون باعتباره إنجازا مهما، هم بحاجة إليه، ويمنحهم بعض الراحة، لكنه في الوقت ذاته غير واضح، فالوضع يتفاقم.

يعتقد الاسرائيليون أن هناك اندفاعًا إيرانيًّا مكثفًا بطريقة لم يعرفونها في السنوات الأخيرة للترويج لأعمال التصعيد نتيجة الزخات الصاروخية الأخيرة احتجاجًا على ما يحصل في المسجد الأقصى، هذه روايتهم لترويج للتصعيد ضد الاحتلال، وهذا بالتأكيد الوقت المناسب للغاية بالنسبة لهم، بالتزامن مع تجهيز أرضية سياسية مع دول عربية وإسلامية عبرت عن احتجاجها عن الوضع المأساوي في المسجد الأقصى.

الخلاصة الإسرائيلية أنهم على منحدر زلق للغاية، ويعتقدون أن قرار الحكومة عن منع اقتحام المستوطنين اليهود للمسجد الأقصى يمتلك وجاهة معقولة، فالوضع متوتر للغاية، لكن عدم صدور ردّ الفعل من الاحتلال على هجوم مجدّو ينظر إليه على أنه علامة ضعف، فيما تنظر القوى المعادية بعناية لما يجري داخل دولة الاحتلال، بل يرونها تضعف وتتفكك، وقد أتى إطلاق الصواريخ من الحدود الشمالية لإنشاء نوع من الجبهة الدائرية حولها عبر لبنان وسوريا، مما سيكون له تأثير مركزي للغاية على المقاومة في غزة.

تكشف هذه المواقف الإسرائيلية المتلاحقة من فرضية تحقق الحرب القادمة عن تقديرها بوقوع حملة لإطلاق الصواريخ لعدة ساعات أو أيام، دون الدخول بصراع طويل لأنه أمر خطير للغاية، رغم أن المنظمات المعادية للاحتلال قد تتسبب بآلام وإصابات صعبة، ويمكنها إلحاق الضرر، لكن الاحتلال قد يعيد سيناريو مواجهته المباشرة مع منظمة التحرير الفلسطينية في عقود سابقة، خاصة حين حاصر بيروت في حرب 1982.