ما يلبث قادة الاحتلال يصدرون تحذيراتهم بين حين وآخر عن قرب اندلاع حرب طاحنة في واحدة من الجبهات المتوترة حول الاحتلال، وربما مع كل الجبهات مجتمعة، في ضوء ما شهدته حدود لبنان وسوريا وغزة في الأسابيع الأخيرة من إطلاق الصواريخ ردًّا على الاعتداء على المسجد الأقصى.
مع العلم أن هذه التوترات المحيطة بدولة الاحتلال تشرح المشهد الذي يجب أن يقلق منظومتها الأمنية أكثر من غيره، وفي جميع القطاعات الجغرافية، لكن التحذير اللازم أن الاحتلال غير مستعد بما فيه الكفاية لخوض صراع متعدد الجوانب، الذي قد يندلع في أي لحظة، من الصعب جدًّا تحديد متى، لكن في بعض الأحيان قد يحتاج فقط إلى الشرارة التي ستشعل الأمر برمّته.
ربما لهذا السبب قرر نتنياهو عدم السماح للمستوطنين اليهود باقتحام المسجد الأقصى في العشر الأواخر من شهر رمضان، بزعم أن الاحتلال ليس مهيأً بما فيه الكفاية، لكون الساحات في غزة ولبنان سلّحت نفسها بالعديد من الصواريخ الدقيقة، لذلك بمجرد أن تتعرض لوابل منها، فالاعتقاد السائد أنه ليس لدى الاحتلال الجواب عليها.
عند السؤال عن أي ساحة يجب أن تقلق المؤسسة الأمنية الإسرائيلية أكثر، فمن الصعوبة بمكان الحديث عن حلبة واحدة فقط، لأن كل الساحات أصبحت واحدة في حد ذاتها، على الأقل وفق التوصيف الإسرائيلي، كل الساحات اندمجت، لكن في حالة أن كل ساحة تعمل بمفردها، فيمكن حينها للنظام الأمني الإسرائيلي التعامل معها بشكل جيد، أما في حال اجتماعها معاً فستصبح المشكلة أكثر تعقيدًا وصعوبة، خاصة عند الحديث عن الساحتين الشمالية والجنوبية جنبًا إلى جنب، هذا في الواقع هو التهديد الأكثر تعقيدًا، وما يسمى باللغة العسكرية "البيانات الخطرة".
هذا يجعل الأمر معقدًا، ليس مستحيلًا، لكنه معقد للغاية، مما يتطابق مع تحذير جهاز الاستخبارات العسكرية- أمان، أن الحرب أقرب من الهدوء، ما يعني أنه منخرط في جمع الإشارات التي تؤكد أن الطرف الآخر يسير في الخط الرفيع بين الصراع المحدود والحرب، ولا يخشى خوضها.
وفي حين أن حزب الله يتعزز مع مرور الوقت، عبر ما يصله من شحنات الأسلحة، والاحتلال لا يهاجم لبنان خشية أن يستغل ذلك، وينفذ تهديده بإطلاق صواريخ عليه، فإن هذا صحيح بالنسبة لقطاع غزة أيضاً، لأن المقاومة فيه تزداد قوة بالصواريخ الدقيقة، وتتدرب طوال الوقت، ما يدفع الاحتلال لأن يسعى إلى تأجيل المواجهة قدر الإمكان، على الرغم من أنه سيلتقي في مرحلة لاحقة بمنظمات أقوى وأكثر دقة بكثير.