بات من الواضح أن هناك دورا وتطلعا روسيا، تجاه الوضع الفلسطيني الداخلي، وأن تكون واحدة من الأطراف الضامنة للاتفاق، باعتبار أنها قوة دولية، فإذا تمت المصالحة بضمانة مصرية، ستشكل روسيا كذلك أحد الضامنين للاتفاق، أو ستكون شاهدا على من هو الطرف الذي يعرقل الاتفاق ويضع العقبات أمامه.
ويبدو دخول روسيا في المصالحة الفلسطينية، بحسب محللين سياسيين، يأتي في وقت تظهر فيه حالة من التشجيع لإنهاء الانقسام، بعد استئناف مصر لدورها تجاه المصالحة الفلسطينية، وبعد أن أصبحت روسيا كذلك لاعبا رئيسيا بالمنطقة.
وقلل هؤلاء، من دور روسيا في حال قيام رئيس السلطة محمود عباس بوضع العراقيل والمعيقات تجاه إتمام المصالحة الداخلية.
ومن المقرر أن يزور وفد قيادي من حماس برئاسة نائب رئيس المكتب السياسي للحركة موسى أبو مرزوق، في 18سبتمبر/ أيلول الجاري، إلى العاصمة الروسية موسكو، لبحث "آخر المستجدات السياسية على الساحة الفلسطينية".
استكمال دورها
ورأي أستاذ العلوم السياسية في جامعة بيرزيت، جهاد حرب، أن زيارة وفد حماس لروسيا يأتي في إطار استكمال الدور الروسي فيما يتعلق بالمصالحة الفلسطينية، خاصة أن روسيا استضافت بداية العام الحالي الفصائل الفلسطينية في اطار غير رسمي لتقريب وجهات النظر.
وأشار حرب لصحيفة "فلسطين" إلى أن الفصائل ذهبت حينها لموسكو بعد اجتماع اللجنة التحضيرية لعقد المجلس الوطني بيناير/ كانون ثاني الماضي.
وقال حرب: "إن روسيا تريد لعب دور في المصالحة الفلسطينية، خاصة أن هناك آمال وتشجيع خلال المرحلة الحالية لإنهاء الانقسام، بعد تنشيط مصر لدورها فيما يتعلق بالمصالحة"، موضحا أن روسيا كذلك تنظر إلى إمكانية لعب هذا الدور بعد أن قويت مكانتها في الشرق الأوسط.
إلا أن أستاذ العلوم السياسية، يعتقد أن التدخل الروسي بالمصالحة سيكون عاما، وستترك التفاصيل لمصر، مبينا أن روسيا ستعمل على تقريب وجهات النظر السياسية بالنسبة لـ"حماس"، واحداث تقارب سياسي بينها وبين "فتح"، وهذا يساند الدور المصري، ويساعد في امكانية دمج "حماس" في المجتمع الدولي.
وتابع: "هناك ضرورة لاسترجاع قوة الفلسطينيين، وجميع التحركات تهدف لإعادة بلورة قوتهم، من خلال امكانية الذهاب لعملية سياسية، أو اعادة التوازن للشرق الأوسط، بعد قرب انتهاء الحرب السورية".
وأشار حرب إلى أن وفد فتح سيزور مصر والاستضاحات التي ستتقدم من الجانب المصري ستلعب دورا في امكانية البدء بعملية مصالحة حقيقية.
ضمانة اتفاق
من جهته، قال الكاتب والمحلل السياسي طلال عوكل: "إن روسيا صاحبة موقف تاريخي بالنسبة للقضية الفلسطينية، وهي حريصة على ترتيب البيت الفلسطيني، ولكن حتى وقت قريب كانت بعيدة في هذا المجال، خاصة أن الوضع الفلسطيني لم يكن مساعدا لها"، لافتا إلى أن روسيا أقامت علاقات مبكرة مع حماس، ومباشرة مع منظمة التحرير، وأصبحت اليوم أقرب تجاه قضايا الشرق الأوسط.
ورجح عوكل خلال حديثه لصحيفة "فلسطين" أن يكون هناك دورا وتطلعا روسيا فيما يتعلق بالوضع الفلسطيني الداخلي، بأن تكون واحدة من الأطراف الضامنة للاتفاق، باعتبار أنها قوة دولية، "فاذا تمت المصالحة بضمانة مصرية، ستشكل روسيا كذلك أحد الضامنين للاتفاق، أو ستكون شاهدا على من هو الطرف الذي يعرقل الاتفاق ويضع العقبات".
وأوضح عوكل أن روسيا تركز على اعادة تأهيل سياستها الخارجية، والعودة إلى الشرق الأوسط بقوة، وخاصة أنها لا تقيم علاقات مع الأطراف الفلسطينية على أساس أيدلوجي، بل على أساس المصالح، "والمصلحة تقتضي أنه طالما هناك موقفا تاريخيا أن تكون على علاقة مع كل الأطراف الفلسطينية، حتى يكون لها دور مؤثرا وفاعل تجاه القضية الفلسطينية".
وربط عوكل التحرك الروسي بالمصري، موضحا أن حماس أظهرت جدية تجاه المصالحة، واختارت طريق القاهرة، كدولة عربية كبرى، وأنه لا بأس لديها من الاستعانة بأطراف دولية أخرى بموضوع المصالحة، كأن يكون لتلك الأطراف دورا مساعدا قياسا بدور القاهرة.
والمفارقة بموضوع المصالحة، والكلام للمحلل السياسي، أن حماس اختارت القاهرة وبذات الوقت لها علاقات وطيدة مع دول الإقليم كإيران وقطر وتركيا، فيما لم تقرر السلطة و"فتح" بعد بأن تلجأ إلى القاهرة باعتبارها مركز التأثير، "لذا يجب انتظار رد موقف حركة فتح من الأفكار المطروحة".
ولم يبدي عوكل تفاؤله بشأن المصالحة؛ لأنها أصبحت مسألة صعبة، نظرا لأنه السلطة معرقل لها، عوضا عن وجود "أفخاخ" بموضوع المصالحة، كتفاهمات حماس مع النائب محمد دحلان، وسلاح المقاومة، ورواتب الموظفين، وصلاحيات الحكومة، بالإضافة لقضايا لم يتم الحوار بشأنها.

