من الصعب إن لم يكن من المستحيل أن يهل شهر نيسان من كل عام دون التوقف عند أشهر المجازر التي ارتكبها العدو الصهيوني، ونعني مجزرة دير ياسين في التاسع من نيسان 48، والتي تعد بحق البداية لكل المجازر التي ارتكبتها عصابات العدو، وتجاوزت كما يقول المؤرخ الفلسطيني المعروف سلمان أبو ستة الخمسين مجزرة.
دير ياسين أكدت النهج الدموي للعدو الصهيوني، وأكدت أن اقترافه لهذه المجازر والمذابح والمحارق ليست نزوة عابرة أو صدفة، بل هو نهج وأيدلوجية لطرد الشعب الفلسطيني من وطنه، ومن هنا فالمجازر والمذابح لم تتوقف، بل استمرت على مدار «75» عامًا مجزرة تلد مجزرة، ومذبحة تلد مذبحة، فلا تمر سنة إلا ويرتكب العدو مجزرة ضد شعبنا، سواء أكان ذلك في داخل الوطن المحتل أو خارجه في مخيمات الشتات، ومجزرة صبرا وشاتيلا تغني عن كل الكلام وكل التفاصيل، وستبقى اللعنة الأبدية التي تطارد العصابات الصهيونية، وعصابات الكتائب التي تعاونت معها في سفك الدم الفلسطيني، وقتل أكثر من خمسة آلاف إنسان بريء بالبلطات والسكاكين.
هذه المجازر والمحارق أدت إلى هجرة جماعية، وإلى لجوء أكثر من «850» الف فلسطيني إلى دول الجوار، وإقامة وكالة الغوث الدولية لتقديم المساعدات الإنسانية لهم، وإنشاء أكثر من «40» مخيمًا لاستيعابهم في الأردن وغزة وسوريا ولبنان.
مجزرة در ياسين ببشاعتها، وخطورتها تذكر العالم بأسره بأن النازي لم يمت، وها هو يبعث من جديد في الحركة الصهيونية، وأن عصابات «الهاغاناة والأرغون وشتيرن» هي صورة طبق الأصل لنازيي المانيا، وفاشي إيطاليا الذين وقف العالم الحر كله ضدهم، فكانت الحرب الكونية الثانية التي كلفت البشرية عشرات الملايين من الضحايا، ودمرت مدنًا بكاملها، وها هي عصابات «الأرغون وشتيرن والهاغاناة» تبعث من جديد في الأرض المحتلة على يد المتطرفين الصهاينة أمثال «الإرهابيين نتنياهو وبن عفير وسموريتش» ومن لف لفهم، وفي صورة أكثر حقدًا وإرهابًا.
باختصار، لم تستطع مجازر العدو ومحارقه من زعزعة يقين الشعب الفلسطيني بوطنه وقضيته، فتصدى لهؤلاء اللصوص على مدى مائة عام، ولا يزال مقدمًا نصف مليون شهيد ومليون معتقل، وقد أصبحت الشهادة والشهداء أيقونة فخر، ووسام كرامة وعنفوان على صدر شعب الجبارين، وأصبحت فلسطين هوية نضالية ينتمي إليها أحرار العالم،
المجد لشعب الجبارين الذي أصبح بحق طائر الفنيق الذي يخرج من كل المحارق والمذابح أكثر عزمًا وتصميمًا على مواصلة المقاومة، والموت للعصابات الصهيونية.