تتزايد تحذيرات الاحتلال من المخاطر المتزامنة مع حلول شهر رمضان، بافتراض أن المقاومة ستكون أكثر ضراوة فيه، ما بات يمثل إشكالية كبيرة لديه عند تحليل لغة الأرقام في الشهر الكريم مقارنة ببقية الشهور.
لعل ما يدفع لزيادة التحذيرات من تزامن رمضان مع تصاعد المقاومة، ما شهدته الأراضي المحتلة في رمضان/ مايو 2021، من اندلاع معركة سيف القدس، لكن الغريب أن قراءة المعطيات حول الهجمات لا تؤكد الفرضية، وفق قراءات الاحتلال، خاصة بالعودة سنوات إلى الوراء.
منذ 2015، خاصة بين أكتوبر وديسمبر، اندلعت الموجة الأكثر قسوة على الاحتلال بوقوع عمليات في القدس والضفة بعد ثلاثة أشهر من رمضان، وتوسعت بشكل كبير، وحصل 620 هجوماً في أكتوبر وحده، خلف 11 قتيلاً، وشهد يوليو وأغسطس المتزامنان مع رمضان، وقوع 123 و107 هجمات على التوالي، قتل فيها مستوطنان، وفقًا لما ذكره الأكاديمي الإسرائيلي هيلل فريش في ورقة بحثية صدرت مؤخرًا.
يمكن قول الشيء نفسه، وإن كان بأقل أهمية حول 2016، وهو عام قياسي آخر من المقاومة، إذ استمرت موجتها في الأشهر الأربعة الأولى، دون أن تشمل رمضان الذي تزامن مع يونيو ويوليو، وفي نفس العام حدث 103 هجمات فدائية، ما يشير إلى وجود صلة بين تصاعد المقاومة وشهر رمضان.
في الوقت ذاته، فإن تحليل بيانات السنوات الثلاث 2020-2021-2022 لا يشير إلى ارتباط إحصائي كبير، فقد بدأ رمضان الأول في 23 أبريل، وانتهى في 22 مايو، وشهد وقوع 151 هجومًا أوقع قتيلًا واحدًا، وفي نفس العام، فقد جاء أغسطس وديسمبر 2020 أكثر ضراوة، بتسجيل 200 هجوم ووفاة إسرائيلي واحد.
أما عام 2021 فيبدو مهمًا جدًا، إذ تصدت المقاومة في رمضان لعدوان غاشم، وأقنعت كل الأطراف بمسؤولية الاحتلال عما حصل نتيجة سماحه للمستوطنين بتنظيم مسيرة الأعلام في الأقصى، وفي المحصلة نشأ التزامن الطردي بوجود علاقة بين رمضان والمقاومة.
مع أن أبريل ومايو 2021 لم يكونا الأكثر ضراوة بعمليات المقاومة مقارنة بنوفمبر وديسمبر، حيث سُجلت احتكاكات كبيرة بين فلسطينيي 48 والاحتلال، في مدن اللد والرملة وعكا، أعادت إلى أذهان الإسرائيليين هبّة أكتوبر 2001 أوائل انتفاضة الأقصى.
في رمضان 2022، ظهرت علاقة حتمية بين قدومه وذروة المقاومة، على الرغم من أنها انطلقت في مارس، قبل حلوله بشهر كامل، قُتل فيها 11 إسرائيليًّا، وفي أبريل، تصاعدت بعدد 268 هجومًا، وقتلت أربعة مستوطنين، أما نوفمبر وديسمبر فأتيا عنيفين للغاية، فشهد الأول 254 هجومًا ومقتل اثنين، والثاني 400 عملية قتلت ثلاثة.
الخلاصة الإسرائيلية أن الوقائع على الأرض تبين أن السلوك الفعلي للمقاومين أكثر تعقيدًا بكثير من ربطه بحلول رمضان، على الرغم من أن تصاعد تحذيرات الاحتلال بالربط بينهما يكون سبباً لمزيد منها، بعكس رغبته.