معانٍ ومضامين كثيرة وعظيمة يحملها شهر رمضان، وهو يهل علينا بالبركة والخير، أهمها على الإطلاق أن هذا الشهر الفضيل هو شهر الجهاد، شهر الشهادة والاستشهاد، شهر الفتوحات والمعارك الكبيرة، وليس شهر الشهوات، فرمضان يحمل أهم المعاني وأخطرها وهي: الاستعداد للشهادة، والاستعداد للتضحية، ففي هذا الشهر المبارك تصفو النفوس لخالقها، تتوق إلى الجنة، ونسائم الجنة، وعطر الجنة.
ففي رمضان وقعت أهم المعارك المفصلية في التاريخ الإسلامي؛ وقعت بدر الكبرى، والتي يجمع المؤرخون على تسميتها بمعركة الفرقان، لأنها فرقت وإلى الأبد بين الحق والباطل، فانتصر الحق، وزهق الباطل إنه كان زهوقًا، وهزم جمع المشركين، وبدأ نجمهم بالأُفول.
ألم يخاطب الرسول عليه السلام ربه مستغيثًا وقد رأى جحافل القوم أضعافًا مضاعفة لعدد جيش المسلمين، "يا رب إن تهزم هذه الفئة فلن تعبد في الأرض أبدًا"، فكان النصر المبين، وكان القصاص الحق من زعماء الشرك الذين آذوا محمدًا وصحبه، وقاموا بتعذيب المستضعفين منهم: بلالًا وصهيبًا وآل ياسر، فاضطر المسلمون للهجرة إلى الحبشة هربًا من تعذيب قريش، هجرة أولى وثانية، ثم اضطر عليه السلام للهجرة إلى المدينة المنورة ليقيم دولة الإسلام العظيم، التي تنشر النور والعدل في الخافقين.
في رمضان كان الفتح المبين لمكة المكرمة، وكانت عبارة الرسول عليه السلام التي تتناقلها الأجيال، جيلًا وراء جيل "ماذا تروني فاعل بكم؟ قالوا: أخ كريم وابن أخ كريم، قال: فاذهبوا فأنتم الطلقاء".
هذا هو الصفح الجميل، والعفو عند المقدرة، هذه هي أخلاق الإسلام العظيم، فلا أحقاد ولا ضغائن، إنه دين الرحمة والتراحم.
وفي رمضان وقعت معركة حطين، وحررت القدس، ومعركة عين جالوت، فهزم نور الإسلام جحافل الظلام، وهزم التتار، وحميت بيضة الإسلام وديار الإسلام من عبث الجهلة والظالمين، وأخيرًا وقعت معارك رمضان، معارك العبور 73، وتمكن الجيشان المصري والسوري من تمريغ أنف جنرالات العدو برمال سيناء وتراب الجولان، ولولا طعن هذا النصر، لتغير تاريخ الأمة، وتغير واقعها، وتغير حالها، ولما بقي القدس والأقصى أسيرا الاحتلال الصهيوني البغيض.
روح رمضان تسري في عروق شعبنا العظيم، فها هم الأسرى الأبطال يعلنون إضرابًا مفتوحًا بدءًا من اليوم الأول لشهر رمضان، وينتصرون على السجان.
وها هو شعب الجبارين يقرر تصعيد المقاومة في رمضان الخير والبركة كحل وحيد لحماية المقدسات، وحماية الأطفال والنساء من الجنون الصهيوني الذي انفلت من عقاله لينكر الإرهابي «سموتريتش» وجود الشعب الفلسطيني، وما درى هذا الأحمق المأفون أن أول من خلق الله هم الكنعانيين الذي سكنوا فلسطين، وبنوا القدس، ونشروا الحضارة في المنطقة كلها.
في رمضان الشهادة والشهداء ندعو شعبنا العظيم إلى النفير إلى القدس، والاعتكاف في الأقصى لحمايته من الجنون الصهيوني، وندعو أمتنا أن تخرج عن صمتها وتعلن وقوفها مع الشعب الفلسطيني، وتمزق أوراق التطبيع والتتبيع، وتقطع العلاقات مع أحفاد يهود خيبر، بعد أن ثبت أنهم لا يحترمون عهدًا ولا وعدًا، وقد جبلوا على الخيانة والغدر.