أصدر البرلمان الأوروبي في مطلع مارس 2023 بيانًا في ختام بعثته الرسمية إلى فلسطين في 21-23 فبراير 2023، ومما جاء فيه أن وفد البرلمان الأوروبي التقى برئيس الوزراء محمد اشتية ووزير خارجية السلطة رياض المالكي. الوفد شدد على أن هناك حاجة ماسة للإصلاحات الاقتصادية والسياسية، وطالب السلطة الفلسطينية بضرورة إجراء انتخابات رئاسية وتشريعية في جميع أراضي السلطة الفلسطينية، بما في ذلك شرقي القدس، على أن يتم تحديد موعد جديد للانتخابات بأسرع وقت ممكن، مشددا على ضرورة وجود مجلس تشريعي فلسطيني فاعل، ويقوم بدوره في تمثيل الشعب الفلسطيني وبدوره التشريعي.
نلاحظ وجود نشاط أمريكي أوروبي لتغيير الواقع السياسي في فلسطين، سواء الواقع السياسي للأراضي الفلسطينية المحتلة أو الواقع السياسي للكيان الإسرائيلي. أما فيما يخص التدخل في الكيان الإسرائيلي فنحن نلاحظ تدخلات غير مسبوقة في الشأن الإسرائيلي من قبل أمريكا ودول أوروبية، حيث دعت أطراف أمريكية لوقف المساعدات المالية للكيان الإسرائيلي ما دامت توجد حكومة تستغل تلك الأموال في تنفيذ سياسات تتعارض مع الموقف الأمريكي ودافعي الضرائب فيها. من الأسباب التي ذكرت في هذا الباب الجرائم التي يرتكبها المستوطنون ضد الشعب الفلسطيني التي كان آخرها الهجوم الإرهابي على بلدة حوارة في محافظة نابلس، ولكن الأسباب الحقيقية هي أن الحكومة الإسرائيلية الحالية تدفع المجتمع الإسرائيلي إلى التفكك والانهيار، وقد حذر أمنيون إسرائيليون بأن (إسرائيل) قريبه جدا من حرب أهلية، كما أن ألمانيا اعترضت وانتقدت بشدة أداء الحكومة الإسرائيلية، وهذا أمر لا يتم إلا بضغط اللوبي الإسرائيلي في ألمانيا، وليس من فراغ أو بدوافع ألمانية خالصة.
قبل أكثر من عام طالب الاتحاد الأوروبي السلطة الفلسطينية بإجراء انتخابات عامة؛ رئاسية وتشريعية ولكنه لم يعترض على تراخي السلطة في إجراء الانتخابات، ولكنه الآن جدد مطلبه مضيفا إليه ضرورة إجراء إصلاحات سياسية واقتصادية. الاتحاد الأوروبي أرسل إشارة قوية للسلطة ولمنظمة التحرير حين شدد على ضرورة وجود مجلس تشريعي فاعل وممثل للشعب الفلسطيني، ونحن نعلم أن قضية التمثيل بالنسبة لمنظمة التحرير قضية حساسة، وما جاء في البيان الأوروبي الرسمي يعني أنه ما من جهة فلسطينية تمثل حاليا الشعب الفلسطيني بشكل دستوري وقانوني ويجب إيجادها بالانتخابات.
أرى أن هناك صلة وثيقة بين لقاء العقبة الأخير وبيان الاتحاد الأوروبي الذي يطالب بانتخابات وإصلاحات، وهذا يشبه إلى حد بعيد الوضع قبل عشرين عاما حين طالب بوش بانتخابات فلسطينية جديدة وإصلاحات اقتصادية وسياسية عام 2002، ثم جاءت قمة العقبة عام 2003 وتلتها تغييرات جذرية في السلطة الفلسطينية، وقد نكون على أعتاب مرحلة جديدة من التغيير، ولكن هذه المرة قد لا تجري الأمور كما تشتهي أمريكا وأوروبا لوجود متغيرات في الساحة الفلسطينية لا تدعم اتفاقية أوسلو ولا سياسة المماطلة وقتل الوقت من خلال مفاوضات لا طائل منها.