فنّدت فصائل فلسطينية، أمس، ادعاءات وزير الشؤون المدنية في السلطة برام الله، حسين الشيخ، بشأن مشاورة السلطة لها قبل الذهاب للمشاركة في "قمة العقبة" الأمنية، التي جمعتها بمسؤولين في الاحتلال الإسرائيلي، برعاية أمريكية.
وعدَّت فصائل في أحاديث منفصلة لصحيفة "فلسطين"، "قمة العقبة" طعنة في خاصرة الشعب الفلسطيني، والذهاب إليها غطاء سياسيًّا لحكومة بنيامين نتنياهو الفاشية، للاستمرار في ارتكاب المجازر بحق الشعب الفلسطيني.
وزعم "الشيخ" في مقابلة مع تلفزيون "فلسطين" التابعة للسلطة، مساء أول من أمس، أن قرار السلطة بالذهاب إلى "قمة العقبة" كان بإجماع فصائل منظمة التحرير.
غطاء للاحتلال
وكذَّب الأمين العام لحركة المبادرة الوطنية، د. مصطفى البرغوثي، ما تحدّث به "الشيخ" حول مشاورة الفصائل قبل الذهاب إلى "قمة العقبة".
وقال البرغوثي، لصحيفة "فلسطين": إن "المبادرة الوطنية لا يوجد لديها أي معلومات حول ما تحدّث به الشيخ حول مشاورة الفصائل قبل ذهاب السلطة إلى قمة العقبة".
وأضاف: "نحن في المبادرة الوطنية لسنا أعضاء في اللجنة التنفيذية، ولا نشارك في أي من اجتماعاتها ولم يتم دعوتنا إليه".
اقرأ أيضًا: فصائل المقاومة تُندّد بلقاء العقبة ومشاركة قيادة السلطة فيه
وفي السياق ذاته، قال منسق المبادرة الوطنية في قطاع غزة، عائد ياغي: إن المبادرة "أعلنت رفضها لذهاب فريق من السلطة للعقبة، وطالبته بالانسحاب من هناك لأن تلك الاجتماعات مرفوضة".
وأوضح ياغي لصحيفة "فلسطين"، أن قمة العقبة جاءت بعد ارتكاب مجزرة في نابلس، إضافة إلى أنها تعطي غطاء لحكومة الاحتلال الفاشية للقيام بمزيد من الاعتداءات ضد الفلسطينيين.
ولفت إلى أن وفد السلطة المشارك في "قمة العقبة"، ضرب بعرض الحائط جميع القرارات الفلسطينية حول التعامل مع الاحتلال، ومنها قرار المجلس المركزي بوقف "التنسيق الأمني".
من جهته، أكد القيادي في حركة الجهاد الإسلامي، خضر حبيب، عدم دقة ما تحدّث به الشيخ حول مشاورة السلطة للفصائل قبل الذهاب لـ"قمة العقبة".
وقال حبيب لصحفية "فلسطين": "ما تحدّث به الشيخ غير صحيح، والسلطة المتنفذة تفعل ما تشاء وما تريد دون الرجوع لأحد في الشعب الفلسطيني، كما فعلت قبل في اتفاق "أوسلو" الذي لم يُأخذ رأي أحد قبل الذهاب إليه".
وأضاف: أن الذهاب إلى "العقبة" ليس فيه أي مصلحة للشعب الفلسطيني، بل المستفيد هو الاحتلال الإسرائيلي، ويعطي غطاءً للاحتلال على جرائمه المستمرة في الضفة الغربية المحتلة وغزة والقدس"، مشيرًا إلى أن "العقبة" أظهرت للعالم أن الفلسطينيين يجلسون ويتحاورون مع الاحتلال على الرغم من المجازر التي يرتكبها.
وعدَّ قمة العقبة طعنة في خاصرة الشعب الفلسطيني، وجاءت لمحاصرة الشعب ومزيد من قمع المقاومة والمقاومين في مواجهة الاحتلال، خاصة في مدن وقرى وبلدات الضفة الغربية.
ولفت إلى أن المتحاورين في العقبة اتفقوا على رسم خارطة طريق لمحاصرة المقاومة بالضفة الغربية، عبر لجان أمنية مشتركة بين السلطة وقوات الاحتلال.
وتوقّع القيادي في حركة الجهاد الإسلامي، زيادة اعتداءات الاحتلال وجرائمه بالضفة الغربية بعد "قمة "العقبة"، إضافة إلى زيادة حدة الاعتقالات السياسية وملاحقة المقاومين من السلطة.
وشدَّد حبيب على أن المقاومة الفلسطينية بالضفة لن تتراجع بعد قمة العقبة، خاصة أن الأمم المتحدة والقوانين الدولية كفلت هذا الحق للشعوب.
مسار كارثي
كما كذّبت الجبهة الشعبية، ما أشار إليه حسين الشيخ في تصريحه، من أنّ فصائل منظمة التحرير الفلسطينية على اطّلاعٍ مسبقٍ بلقاء العقبة، وأنّ غالبيتها قد وافقت عليه.
وقالت الجبهة في بيان لها، أمس: "الجبهة الشعبية، ومنعًا لأيّ لبسٍ إزاء موقفها الرافض والمدين للقاء العقبة؛ تؤكّد أنّها ليست جزءًا من الاجتماع القياديّ الذي أشار إليه السيد الشيخ، وليست عضوًا في اللجنة التنفيذية للمنظمة حتى تشارك في اجتماعاتٍ كهذه".
وجدّدت "الشعبية" موقفها ودعوتها إلى الجميع بأنّ "الخيار البديل للمسار الكارثي والتدميري الذي تسير عليه السلطة، ولكل ما تولّد عن مسار أوسلو والرهانات التي ما تزال قائمة عليه؛ هو القطعُ نهائيًّا معه ومع الالتزامات التي ترتّبت عليه، وسحب الاعتراف بالكيان الصهيوني، وإعادة الاعتبار لطابع الصراع معه؛ باعتباره صراعًا شاملًا ومفتوحًا يتطلّب توسيع مساحة الاشتباك".
اقرأ أيضًا: لقاء وطني موسَّع بغزة ردًا على لقاء العقبة
وأردفت: "وكذلك استخدام كل وسائل المقاومة ضدّه، استنادًا إلى برنامجٍ وطنيٍّ تحرُّري يتمسّك بحقوقنا الوطنيّة كافة، ووحدةٍ وطنيةٍ تعدُّديةٍ تتجسّدُ في منظمة التحرير، بعد إعادة بناء مؤسساتها ديمقراطيًّا، وشراكة جادة في التقرير بالشأن الوطني وفي إدارة الصراع مع الاحتلال".
من جهته، أكد عضو المكتب السياسي للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين، أركان بدر أن لا صحة إطلاقًا لما يدعيه "الشيخ" بأن فصائل المنظمة كانت على علم بقرار المشاركة بـ"قمة العقبة".
وقال بدر في تصريح صحفي، أمس: "هذا محض افتراء وتجنٍ، فالجبهة الديمقراطية عبر ممثلها في اللجنة التنفيذية وعضو مكتبها السياسي الرفيق رمزي رباح، قال إن هدف هذا الاجتماع ترتيبات أمنية تفرض على الفلسطينيين التعايش مع الاحتلال، وتقفز عن جوهر الصراع المتمثل بإنهاء الاحتلال".
وأوضح أن اللجنة التنفيذية للمنظمة لم تناقش أو تقرر المشاركة في اجتماع العقبة بالأردن، وأن هدف الاجتماع هو ترتيبات أمنية جديدة.
وأشار إلى أن رباح طالب على مدى الأيام السابقة في رسائل مباشرة لرئيس السلطة محمود عباس وبرسالة لحسين الشيخ، وعبر بيانات علنية بعدم المشاركة.
وبيّن بدر أنه طالب مع قوى أخرى كحزب الشعب وحزب فدا بعقد اجتماع فوري للجنة التنفيذية لتقييم التحركات الفلسطينية، واتخاذ الموقف الذي يضمن حقوقنا المستندة على تطبيق قرارات المجلسين الوطني والمركزي.
يُشار إلى أن اجتماع العقبة عقد جنوبي الأردن، الأحد الماضي، وأفضى وفق البيان الختامي إلى "الإعلان عن اتفاق بين (إسرائيل) والسلطة الفلسطينية يقضى بوقف الإجراءات أحادية الجانب لأشهر محدودة".