أجمعت كل المصادر الإسرائيلية الرسمية على نفي الخبر الصادر عن قمة العقبة، والذي يدّعي تجميد الاستيطان، وعدم العدوان على أرض الضفة الغربية مدة أربعة أشهر، جاء هذا النفي على لسان رئيس الوزراء نتنياهو، وعلى لسان وزير المالية سموتيرتش، وعلى لسان وزير الأمن القومي بن غفير، وجميعهم أرسل رسائل طمأنة للمستوطنين، بأن كل ما يشاع عن تجميد الاستيطان ليوم واحد غير صحيح.
وتشهد الوقائع الميدانية على مصداقية تصريحات المسؤولين الإسرائيليين، وهشاشة البيان الذي صدر عن قمة العقبة، ولا سيما أن الاقتحامات للمسجد الأقصى متواصلة، والبناء في المستوطنات لم يتوقف، والاعتداء على بيوت العرب وممتلكاتهم يتصاعد، وتشهد على ذلك مفارق الطرق في الضفة الغربية، إذ وصل الأمر إلى القتل والحرق والتدمير والتخريب في بلدة حوارة جنوب نابلس، وبكل معاول الحقد الصهيوني، التي حركت عضو الكنيست "تسفيكا فوجل" من حزب "العظمة اليهودية"، ليتفاخر بأفعال الحرق والتدمير والقتل التي مارسها المتطرفون الصهاينة ضد بلدة حوارة جنوب نابلس، فقال: "الأفعال الرادعة التي حققها المستوطنون الليلة في حوارة، لم تتحقق من قبل (إسرائيل) منذ عملية السور الواقي، أرى النتائج بشكل جميل جدا، أريد أن أرى ذلك المكان يحترق".
إن ما يجري على أرض فلسطين ليؤكد أن المعركة الفاصلة قدر الله على الأرض، وهي في تصاعد، شاء من التقوا في مؤتمر قمة العقبة، أو أبى من سحب قرار إدانة الاستيطان من مجلس الأمن، المعركة مصيرية، معركة كسر العظم، وقد وصلت إلى مرحلة حسم للصراع كما لخص ذلك وزير المالية، زعيم حزب الصهيونية الدينية بتسلئيل سموتيرتش، المتطرف الذي يرى نفسه خريج مدرسة التعاليم اليهودية، التي قادها وفق كتاب "التناخ" يهوشع بن نون ضد سكان أريحا، وعليه فإن فكرة حسم الصراع مع الفلسطينيين، التي يتبناها حزب الصهيونية الدينية مستوحاة من كتاب "التناخ"، إذ أنذر يهوشع بن نون أهل أريحا عدة أيام، وحدد لهم ثلاث خيارات، يرددها سموتيرتش:
الخيار الأول: التسليم بوجود (إسرائيل) "دولة يهودية"، والعيش تحت "السيادة الإسرائيلية" مواطنين من الدرجة الثانية.
الخيار الثاني: من يريد من الفلسطينيين مغادرة "أرض (إسرائيل)"، والنجاة بحياته، فالطريق مفتوحة أمامه.
الخيار الثالث: من اختار الحرب، فعليه أن يتلقى عذاب اليهود، وسخطهم ورصاصهم.
هذه هي طريقة حسم الصراع من وجهة نظر الصهيونية الدينية، حسم الصراع خطة المتطرفين المتدينين التي باركها رئيس حزب الليكود، ورئيس الحكومة، وعلى مبدأ حسم الصراع، كان التوافق بين الأحزاب الإسرائيلية التي تشكل الحكومة الإسرائيلية الراهنة، وليس للفلسطينيين أمام هذا الوضوح في السياسة الإسرائيلية، وأمام هذا المخطط الصهيوني إلا الاستعداد للمواجهة، وتجهيز الأنفس لصد الهجمة الصهيونية الدينية بكل ما ملكت أيمانهم، وما دون ذلك، فإما الحياة بمذلة، أو الرحيل عن هذه الأرض.