لم يكتفِ الاحتلال الإسرائيلي بانتهاكاته المتواصلة بحق أهالي القدس، وتشمل التهويد والهدم ومصادرة الممتلكات، بل أثبت مجددًا مساعيه إلى تهجيرهم ضمن قانون أقره "الكنيست"، أول من أمس، وهو كفيل بسحب الإقامة من سكان المدينة المقدسة.
ويضمن القانون الإسرائيلي الجديد سحب الإقامة من مقدسيين نفذوا عمليات ضد جنود ومستوطنين، وإبعادهم إما إلى غزة أو الضفة الغربية، الأمر الذي عدَّه مراقبون تهديدًا جديدًا يهدف إلى تفريغ المدينة من سكانها الأصليين.
ويضاف ذلك إلى سلسلة واسعة من عمليات التهويد والهدم الإسرائيلي لمنازل المقدسيين، بهدف دفعهم إلى ترك القدس والبحث عن أماكن أخرى للعيش فيها، ضمن محاولات الاحتلال التي لا تتوقف لإحلال المستوطنين اليهود.
ويتيح القانون الجديد لوزير الداخلية في حكومة الاحتلال، سحب الإقامة من شخص نفذ عملية فدائية وحصل على مخصصات مالية من الموازنة الفلسطينية العامة.
هجمة شرسة
وقال الباحث في شؤون القدس مراد أبو شافع: إن ما أقره "الكنيست" يأتي تنفيذًا لمخطط إسرائيلي قديم متجدد، يهدف إلى سحب الإقامة من أكبر عدد ممكن من أهالي القدس بحجج وذرائع واهية.
وبين أبو شافع لصحيفة "فلسطين"، أن عمليات سحب الإقامة طالت في السنوات الماضية بعض الأشخاص المقدسيين ممن يحملون الإقامة بالقدس، وهم حقيقة مقيمون خارجها؛ في الضفة الغربية أو الأردن، أو غيرهما.
وأشار إلى أن معايير القانون الجديد ستترك تداعيات خطيرة على الأوضاع الاجتماعية والإنسانية لأهالي الأسرى في القدس.
وأكد أن هذا القانون أيضًا لا يقتصر على الأسرى ومنفذي العمليات المقدسيين، بل يطال عوائلهم أيضًا.
اقرأ المزيد: قانون سحب المواطنة نموذج جديد للتمييز العنصري
وتابع: إن قانون سحب الإقامة لا يختلف كثيرًا عن هدم المنازل ومصادرة الأراضي في القدس، مبينًا أن هجمة الاحتلال على القدس لا تستثني شيئًا، وتشمل البشر والحجر والشجر وحتى الأموات؛ في إشارة إلى استهداف مقابر المسلمين.
ونبَّه على أن سحب الإقامة من المقدسي يتبعه مباشرة إبعاد قسري عن القدس، ولا تسمح له سلطات الاحتلال بالرجوع إليها، وهذا ضمن مخطط لتهجير الأهالي دون عودة.
وتابع: إن هجمة الاحتلال كبيرة وشديدة على العائلات المقدسية، خصوصًا من نفذ أبناؤها عمليات فدائية وقتل فيها مستوطنون أو جنود إسرائيليون، ويمتد الأمر إلى هدم المنازل ومصادرة أملاكهم.
وشدد على أن محاولات الاحتلال إفراغ المدينة من سكانها الأصليين لن تفلح أمام صمود المقدسيين، وثباتهم على أرض القدس.
وقد صوت لصالح القانون الذي أقر بالقراءتين الثانية والثالثة، 94 نائبًا في "الكنيست" من الموالين لحكومة المستوطنين الفاشية ومعارضيها، في حين عارضه 10 نواب، وهو ينطبق على الفلسطينيين في القدس، وكذلك في الداخل المحتل سنة 1948.
وقال مدير مركز القدس للحقوق الاقتصادية والاجتماعية زياد حموري: إن إقرار مصادرة إقامة الفلسطينيين خطوة غير قانونية، سواء فيما يتعلق بالقدس المحتلة أو الداخل المحتل.
وأشار حموري في تصريح لـ"فلسطين"، إلى قرارات سابقة للاحتلال الإسرائيلي طالت نواب حركة حماس في المجلس التشريعي عن القدس، إذ صادر إقامتهم واعتقلهم إداريًا سنوات، قبل أن يقرر الإفراج عن بعضهم، وإبعادهم جميعًا إلى الضفة.
وشدَّد على أن الاحتلال يسعى عبر قوانينه هذه إلى تغير طابع المدينة، وإفراغها من شخصياتها السياسية والإسلامية، وإبقاء ساحات القدس مفتوحة أمام قادة الجماعات الاستيطانية المتطرفة.
ونبَّه على أن الاحتلال ينطلق في تطبيق القانون الجديد على أهالي القدس بدعوى "عدم الموالاة لـ(إسرائيل)"، مضيفًا: لا يمكن لأي إنسان مقدسي أن يمنح ولاءه وانتماءه للكيان الذي يهوّد كل شيء للفلسطينيين ومقدساتهم أيضًا.
وأضاف: إن أي مواطن مقدسي أصبح الآن عرضة لمصادرة إقامته والإبعاد بذريعة "عدم الولاء"، أو بحجة مقاومة الاحتلال.