لا يختلف اثنان على أن (إسرائيل) تقوم على قاعدة التمييز العنصري بين المكونات البشرية التي تسكن فلسطين المحتلة. التمييز العنصري يتغلغل في مفاصل الدولة، وبالذات القوانين التي تحكم علاقة المواطن بالدولة. ثمة قانون للإسرائيلي، وقانون آخر للفلسطيني المقيم على أرضه وفي وطنه قبل أن يحتله الإسرائيليون.
الأحزاب العربية داخل فلسطين المحتلة أدركت هذه الإستراتيجية مبكرًا، فرفعت شعار العدل والمساواة بين السكان، وشعار (إسرائيل) لكل مواطنيها، وناضلت تحت هذه الشعارات سنوات طويلة ومديدة، ولكنها لم تصل للأسف لما تريده، بل حدث العكس، إذ زادت القوانين العنصرية التي تمنع المساواة، وتعمق المأساة، ولا سيما بعد عام ١٩٦٧م.
آخر هذه القوانين العنصرية قانون سحب المواطنة من الفلسطيني، وترحيله إلى غزة أو الضفة، إذا ما قام الفلسطيني حامل الهوية الزرقاء، والمواطن في (إسرائيل) بعمل فدائي، أو تلقى أموالًا من السلطة الفلسطينية، أو من الفصائل الفلسطينية، أو كتب تعليقات يؤيد فيها أعمال المقاومة، أو الابتهاج بخروج أسير من المعتقل.
هذا القانون الذي صدق عليه الكنيست أمس بأغلبية (٩٢) صوتا من الائتلاف والمعارضة، سيدخل حيز التنفيذ والعمل فورا، وتدل الأصوات المؤيدة على أن أغلبية ممثلي المجتمع اليهودي يؤيدون القوانين العنصرية ضد الفلسطينيين، لأن هذه القوانين تلتقي عند إستراتيجية راسخة ومقرّة في الفكر الصهيوني، والرؤية الإسرائيلية.
قانون سحب المواطنة والترحيل هو قانون خطير وواسع التداعيات، وسيفجر العديد من المشكلات الاجتماعية التي ستصل لذوي الضحايا، وربما يطبقه وزير الداخلية "بن غفير" بشكل تعسفي أيضا ضد مواطنين بزعم وجود ملفات أمنية تجرمهم، على نحو يماثل الاعتقالات الإدارية. إن النضال الفلسطيني ضد هذا القانون يجب أن يكون ذا مغزى، ومن المفيد تدويل هذا النضال؛ لأن قانون سحب الجنسية والمواطنة يتعارض مع القانون الدولي، وهو عنصري يطبق على الفلسطيني، ولا يطبق على الإسرائيلي.